اني اعذب تارك الصلاة ، ولو لم يتحقق العذاب في الخارج ، وهذا بخلاف التركيب الأول ، فانه يصح ان يقال ان النار محرقة ، وان لم يحرق في الخارج.
وبالجملة : من الاستهجان المزبور يستكشف ان الآيات المتضمنة للعذاب تدل على الفعلية ، فبقرينة المقابلة أيضاً ، يكون النفى نفيا للفعلية.
لا يقال انه على هذا يلزم الكذب تعالى الله عن ذلك : فان التائب لا يعاقب ومن شفع له أو عفى عنه لا يعاقب.
فانه يقال ان تلك الآيات يكون استعمالها كنائيا وبصدد بيان الأحكام ، ومن المعلوم ان الصدق والكذب في الكنايات يدوران مدار ما سيق الكلام لبيانه لاما هو مفاد القضية بالمطابقة ـ ألا ترى ـ ان قولك زيد كثير الرماد ، صدقُ إذا كان جوادا ، وان لم يكن عنده رماد فعلا ، وكذب إذا لم يكن جوادا ، فظهر ان جواب الشيخ الأعظم وحده تام.
ويمكن الجواب عنه بجواب آخر ، وهو ان الظاهر من الآية نفي الاستحقاق ، إذ الظاهر منها هو كونها بصدد بيان ان سنة الله جارية على ذلك ، وان العقاب غير لايق بمقامه ولا يناسب صدوره منه ، ومن البديهى ان العقاب مع عدم الاستحقاق لا يليق بشانه ، واما العقاب مع الاستحقاق فهو لايق بشأنه فمن نفى العقاب بهذا البيان يستكشف عدم الاستحقاق.
الإيراد الثالث : ان هذه الآية لا تنفع في مقابل الاخباري فانه يزعم صلاحية اخبار الاحتياط لكونه بيانا فيكون نسبة هذه الآية إلى دليلهم نسبة الاصل إلى الدليل.