العقل بقبح المخالفة إنما يكون من جهة دركه قبح الظلم ، حيث ان مخالفة المولى ظلم عليه وخروج عن رسم العبودية وذي الرقية ، ومن الواضح ان ذلك إنما يكون في مورد الوصول ، وإلا ، فلا تكون المخالفة ظلما ولا يكون مجرى لهذا الحكم من العقل.
وأما ما أفاده الأستاذ الأعظم (١) في وجه هذا الحكم من ان ما يكون محركا للعبد أو زاجرا له إنما هو الوجود العلمي لا الوجود الواقعي فالتكليف ما لم يصل إلى المكلف لا يمكنه التحرك منه ومعه كان العقاب على مخالفته عقابا بلا مقتض كما إذا لم يكن حكم من المولى أصلاً.
فيرد عليه ، ان الوجود الواقعي وان لم يكن محركا إلا انه كما يكون وجوده العلمي محركا كذلك يمكن ان يكون وجوده الاحتمالي محركا ، فمع فرض الشك واحتمال التكليف يمكن ان يتحرك العبد بالاحتياط.
وأما الجهة الثانية : فالمعروف بينهم ان قاعدة قبح العقاب بلا بيان ترفع موضوع حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل.
إذ مع حكم العقل بقبح العقاب لا يبقى احتمال الضرر ليجب دفعه.
وأشكل عليه بإمكان العكس بان تكون قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل بيانا للتكليف ورافعة لموضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وبعبارة أخرى : ان موضوع كل منهما مع قطع النظر عن الأخرى ، موجود
__________________
(١) دراسات في علم الأصول ج ٣ ص ٢٥٨.