إلى الشارع ، أي العدم المحمولي الثابت قبل الشرع والشريعة ، والعدم المشكوك فيه هو العدم النعتي المنتسب إلى الشارع ، واستصحاب العدم المحمولي لاثبات العدم النعتي من الأصل المثبت الذي لا نقول به.
وفيه : ما عرفت من ان جعل الأحكام كان تدريجيا ، فأول البعثة لم يكن هذا الحكم المشكوك فيه مجعولا قطعا فالمتيقن هو العدم النعتي.
الثاني : ما أفاده المحقق النائيني (ره) (١) أيضاً ، وهو ان الباعث أو الزاجر إنما هو التكليف الفعلي لا الإنشائي ، فلا بد من إثبات عدم ذلك ، واستصحاب عدم الجعل لاثبات عدم المجعول من أوضح أنحاء الأصول المثبتة.
وفيه : مضافا إلى النقض باستصحاب عدم النسخ وبقاء الجعل الذي اتفق الكل على جريانه ، فلو كان نفى الحكم باستصحاب عدم الجعل مثبتا كان إثباته باستصحاب بقاء الجعل وعدم النسخ أيضاً مثبتا.
انه لا تعدد للاعتبار والمعتبر والإنشاء والمنشأ كما في الإيجاد والوجود ، وإنما لا يجب امتثال الأحكام قبل وجود الموضوع من جهة تعلقه به في ظرف وجوده على نحو القضية الحقيقية ، فمع عدم الموضوع لا حكم في حق المكلف من الأول ، وإلا فمن جهة عدم الوجود للحكم إلا بالاعتبار يكون لا محالة متحققا من حين الاعتبار ، فلا مانع من استصحابه ، أو عدمه فتدبر فانه دقيق.
الثالث : معارضة استصحاب عدم جعل الحكم الإلزامي مع استصحاب
__________________
(١) كما حكاه عنه آية الله الخوئي في دراسات في علم الأصول ج ٣ ص ٢٦٩ وهو ظاهر كلامه في مبحث دوران الأمر بين الأقل والأكثر في فوائد الأصول ج ٤ ص ١٦٨ وما قبلها.