وثانيا : يرد عليه ما أوردناه على المحقق الخراساني ، فان عدم الطبيعة إذا كان عين اعدام أفراده ، كان معنى ، كن لا شارب الخمر ، كن متصفا باعدام أفراد تلك الطبيعة ، فكل عدم لا محالة يكون محكوما بحكم ضمنى ، وعليه فلو شك في خمرية شيء لا محالة يكون من قبيل دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطين والمرجع في ذلك المورد هو البراءة كما سيأتي.
فالمتحصّل مما ذكرناه ان الاظهر عدم جريان البراءة العقلية في الشبهات الموضوعية.
واما البراءة الشرعية فالظاهر شمولها ، وتفصيل القول في ذلك يقتضي ان يقال ان التكليف التحريمي المتعلق بالشيء الناشئ عن المفسدة في المتعلق ، يتصور على وجوه أربعة :
الأول : ان يكون في كل وجود مفسدة ، غير ما يكون في الأفراد الأخر فلا محالة يكون كل فرد متعلقا لنهي مستقل فالافراد المعلومة تعلق النهي بها معلوم ، وما شك في فرديته يشك في تعلق النهي به فتجرى فيه البراءة.
الثاني : ان يكون مفسدة واحدة في مجموع الوجودات بحيث يكون الجميع متعلقا لنهى واحد شخصي ، وفي هذا الفرض يجوز ارتكاب جملة من الأفراد المعلومة أيضاً ، فضلا عما شك في فرديته ، إذ المفروض ان المفسدة إنما تكون في مجموع الوجودات لا في كل واحد منها ، وهل يجوز ارتكاب الأفراد المعلومة وترك الفرد المشكوك فيه ، أم لا يجوز؟ وجهان :
أقواهما الأول ، إذ لو ارتكب المجموع من الأفراد المعلومة ، والفرد المشكوك فيه يعلم بارتكاب الحرام ، اما لانها الحرام ، أو لاشتمالها عليه ، واما الأفراد