أما الأول : فقد ادعى جماعة (١) الإجماع على ان ظان ضيق الوقت إذا أخر صلاته عصى وان انكشف بقاء الوقت.
وتعبيرهم بظن الضيق إنما هو لبيان أدنى فردي الرجحان ، وأيضا ادعى الإجماع على ان سلوك طريق الضرر مظنونه أو مقطوعه معصية ، ولو انكشف الخلاف ، فلو فاتت الصلاة في السفر الكذائي ، لا بد من القضاء تماما ولو بعد انكشاف عدم الضرر.
ولكن يرده مضافا إلى ما مر من ان محل الكلام في التجرِّي ، هو القطع الطريقي المحض فلو تم الإجماع يكون الظن أو القطع بنفسه موضوع الحكم فيكون أجنبيا عن المقام.
مع انه يمكن منع الإجماع على العصيان حتى في صورة كشف الخلاف ، لان وظيفة المفتى ليس إلا تعيين الوظيفة حين العمل وهو حين حصول الظن والخوف فيحكم بحرمة التأخير ، وان المكلف لو أخر يكون عاصيا ، ولا يجوز السفر مع الخوف ويعد سفره معصية ، واما انه لو تجرى وانكشف الخلاف ، فهل هو عاص ، أم لا فليس وظيفة المفتي بيانه.
واما الأخبار فقد دلت الأخبار على أن العقاب على نية المعصية ، وبازائها روايات تدل على عدم العقاب عليها ، فقد جمع بينهما ، بحمل الأولى على نية المعصية مع الجري على طبق ما نوى ، وحمل الثانية على النية المجردة ، ومن الحكم
__________________
(١) نقل هذه الدعوى عدّة من الأعلام عن جماعة منهم الشيخ الأعظم في فرائد الأصول ج ١ ص ٨ كما مرّ.