قلت ان هذا وان كان مطلبا دقيقا إلا انه في المقام لا يمكن الالتزام به لأنه بما ان الظن في موضوع الحكم الثاني ، اخذ جزء الموضوع وجزئه الآخر هو الواقع فحينئذ ان لم يعلم الواقع ولم يقم ظن معتبر على الواقع لا يكون الحكم الثاني باعثا أو زاجرا لعدم العلم به وان علم به ينقلب الموضوع فلا حكم ، فلا محالة لا بد ، وان يفرض في فرض تعلق الظن به قيام إمارة معتبرة على ان المظنون هو الواقع ، ليكون أحد الجزءين ثابتا بالوجدان والآخر ثابتا بالتعبد حتى يكون الحكم الثاني صالحا للداعوية وفي هذا الفرض في المرتبة المتقدمة على هذا الحكم ، الحكم الأولى المترتب على العنوان العام لفرض قيام الأمارة يصير فعليا ومنجزا ويكون صالحا للداعوية ، وبالجملة في المورد الذي يكون الحكم الثاني صالحا للداعوية يكون الحكم الأول أيضاً كذلك فتدبر فانه دقيق.
واما أخذه في موضوع ضد ذلك الحكم ، فان كان الظن مما ثبت اعتباره بالخصوص.
فالحق عدم الجواز : لأنه حينئذ بضميمة دليل اعتبار الأمارة يكون محرزا للواقع فجعل حكم آخر له يوجب اجتماع الضدين حقيقة في صورة المصادفة للواقع ، وظنا مطلقا.
وان كان الظن غير معتبر فقد اختار المحقق الخراساني جوازه (١) ، من جهة ان المحذور المتوهم ليس إلا اجتماع الضدين ، وهو مندفع بان الحكم الواقعي الذي تعلق به الظن لا يكون فعليا من جميع الجهات ، بل العلم به دخيل في فعليته ،
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٢٦٧.