فاعل غير منفعل وذلك هو الباري تعالى. ومنفعل غير فاعل وذلك هو الجمادات. وفاعل من وجه ومنفعل من وجه كالملائكة والإنس والجن. فبالإضافة إلى الله منفعلة ، وبالإضافة إلى مصنوعاتهم فاعلة. ولما كانت معبوداتهم من جملة الجمادات التي هي منفعلة غير فاعلة سمّاها الله تعالى أنثى وبكّتهم (١) بها ونبّههم على جهلهم في اعتقادهم فيها الألوهية ، مع كونها غير ضارّة ولا نافعة ، فإنها لا تفعل شيئا البتّة ، بخلاف عبدتها فإنّهم أكمل منها من أنّ لهم فعلا في الجملة. ولما كان بعض الأشياء يشبّه بالذّكر في حكم اللفظ ذكرّ حكمه ، وبعضها (٢) بالمؤنث في حكم اللفظ أنّث أحكامها نحو اليد والأذن ، والخصية لتأنيث لفظ الأنثيين (٣) قال الشاعر (٤) : [من الطويل]
ضربناه تحت الأنثيين على الكرد
قال (٥) : وما ذكر وإن [يسمن كأنثى ، يعني القراد](٦). فجعله أنثى باعتبار لفظه. وقيل : (إِلَّا إِناثاً)(٧) أي مواتا كالأحجار والخشب والمدر (٨). وهذا تفسير للواقع لأنّ أصنامهم كانت متّخذة من ذلك كلّه وليس من تفسير اللفظ كما نبّهت عليه أول الكتاب.
وأرض أنيث أي سهلة حسنة النّبت ، تشبيها بالأنثى لسهولتها وما يخرج منها. وفي حديث إبراهيم (٩) : «كانوا يكرهون المؤنّث من الطّيب ، ولا يرون بذكورته». قال شمر :
__________________
(١) بكت : ضرب. وهنا انتهى كلام الراغب.
(٢) ساقطة من س.
(٣) في الأصل : الانثيان. وهما الخصيتان أو الأذنان.
(٤) عجز بيت للفرزدق (الديوان : ٢١٠) وكذا رواية اللسان ، وفي الديوان : فوق الانثيين. وصدره : وكنا إذا القيسيّ هبّ عتوده. والكرد : العنق أو أصل العنق. وفي الصدر خلاف في اللسان ـ مادة أنث.
(٥) صدر بيت ذكره الراغب : ٢٧.
(٦) ساقط من الأصل ، وأضفناه من المفردات : ٢٧.
(٧) ١١٧ / النساء : ٤.
(٨) المدر : الطين العلك ليس معه رمل.
(٩) يعني إبراهيم النخعي. وأسقط السمين كلمة «بأسا» من آخر الحديث ، انظر النهاية : ١ / ٧٣ واللسان ـ مادة أنث.