شرطا جازما فعلين قوله (١) : [من الطويل]
فأصبحت أنّى تأتها تبتئس بها (٢)
وترد في الإستفهام بمعنى كيف ، كقوله تعالى : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)(٣) ، وبمعنى أين كقوله تعالى : (أَنَّى لَكِ هذا)(٤) أي من أين؟.
قال الراغب : أنّى للبحث عن الحال والمكان ، ولذلك قيل : هو بمعنى أين وكيف لتضمّنه معناهما. قوله تعالى : (أَنَّى لَكِ هذا) من أين وكيف (٥) ، فجعلها قائمة مقام الكلمتين ، وهو ممتنع عند أهل البيان.
وأنى (٦) : تأتي بمعنى قرب ، قال تعالى : (أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ)(٧) وقوله : (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ)(٨) أي نضجه واستواءه ، إذا كسرت قصرت ، ومنه الآية الكريمة ، وإذا فتحت مدّت ، ومنه قول الحطيئة : [من الوافر]
وآنيت العشاء إلى سهيل |
|
أو الشّعرى ، فطال بنا (٩) الأناء |
يقال : أنيت وأنّيت مخففا ومثقلا بمعنى تأخّرت ، وآنيت بمعنى أخّرت (١٠). وفي الحديث : «آذيت وآنيت» (١١) أي أخّرت المجيء. وفلان متأن من ذلك. والأناة : التّؤدة.
__________________
(١) صدر شعر للبيد (الديوان : ٢٢٠) ، وعجزه :
كلا مركبيها تحت رجلك شاجر
(٢) في الأصل : تسحر بها ، ولا يستقيم. وفي شرح المفصل : ٤ / ١٠٩ : تلتبس بها والتصويب من الديوان.
(٣) ٢٢٣ / البقرة : ٢.
(٤) ٣٧ / آل عمران : ٣.
(٥) كيف ساقطة من ح ، وهي مذكورة في س.
(٦) ساقطة من س.
(٧) ١٦ / الحديد : ٥٧.
(٨) ٥٣ / الأحزاب : ٣٣.
(٩) الديوان : ٩٨. وفيه وفي رواية اللسان والغريبين : ١ / ١٠٣ : بي ، ولعلها أصوب. يعني إلى طلوع سهيل.
(١٠) وفي ح : تأخرت.
(١١) النهاية : ١ / ٧٨. وتمام الحديث : «أنه قال لرجل جاء يوم الجمعة يتخطى رقاب الناس : آذيت وآنيت» أي آذيت الناس بتخطيك وآخّرت المجيء وأبطأت. وفي اللسان بتبديل الفعلين.