وأصله من البتر ، وهو القطع. ومنه «نهى عن المبتورة في الضّحايا» (١) هي التي انقطع ذنبها. وفي الحديث : «كلّ أمر ذي بال لم يبدأ فيه بالحمد لله فهو أبتر» (٢) أي أقطع. وروي أجذم ، وذلك أن العاص بن وائل كان يقول : إنّما محمد أبتر ، فإذا مات انقطع ذكره ، أي ليس له ولد يذكر به إذا رئي ، فأكذبه الله تعالى ورفع ذكره وجعله هو الأبتر ، إذا ذكر لا يذكر إلا بشر. وفي حديث عليّ ، وقد سئل عن صلاة الضّحى ، فقال : «حين تبهر (٣) البتيراء الأرض» أي تنبسط الشمس. فالبتيراء : اسم للشمس (٤) ، سميت بذلك لأنها تكلّ الأبصار أي تتعبها إذا حدّقت نحوها. فجعل ذلك قطعا مجازا. وقال الراغب كلاما حسنا : نبّه الله تعالى أنّ الذي ينقطع ذكره هو الذي يشنؤه ، فأمّا هو فكما وصفه الله تعالى بقوله : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ)(٥) (لكونه جعل أبا للمؤمنين. وفي الحديث معنى رفعنا لك ذكرك) (٦) «لا أذكر إلا إذا ذكرت معي» وإلى هذا أشار أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بقوله : «العلماء باقون ما بقي الدّهر أعيانهم مفقودة وآثارهم في القلوب موجودة» هذا في أتباع الأنبياء ، فكيف بهم صلوات الله وسلامه عليهم ، فكيف بنبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم ، حيث رفع ذكره وجعله خاتم رسله؟
وقال الراغب : البتر يقارب ما تقدّم ـ يعني البتّ ـ لكن استعمل في قطع الذّنب ، ثم أجري قطع العقب مجراه. ورجل أبتر وأباتر : لم يكن له عقب. ويقال لمن قطع رحمه : أبتر وأباتر. وكذا من انقطع عن كلّ خير.
ب ت ك :
البتك : قطع خاص ، ولذلك قال الراغب : البتك يقارب البتّ ، لكنّ البتك يستعمل
__________________
(١) النهاية : ١ / ٩٣.
(٢) في النهاية : «بحمد الله» ، وفي تفسير ابن كثير : ب «بسم الله» ، وفي المفردات : بذكر الله.
(٣) وفي ح : تنبتر ، وفي س : ينبهر ، وصوّبناه من النهاية : ١ / ٩٤.
(٤) وفي ح : اسم الشمس.
(٥) ٤ / الشرح : ٩٤.
(٦) ما بين قوسين ساقط من ح. والحديث رواه ابن جرير في مختصر ابن كثير.