«بصرت بما لم يبصروا به» (١) أي علمت بما لم يعلموا به ، بصر بصرا أي علم علما.
وقوله : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ)(٢) حمله أكثر المتكلّمين على الجارحة ، والأولى أن يجعل من رؤية القلب. ويدلّ عليه ما قال أمير المؤمنين : «التّوحيد أن لا تتوّهمه ، فكلّ ما أدركته فهو غيره».
وجمع البصر أبصار ، والبصيرة بصائر ، وقوله : (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ)(٣) ، قال ابن عرفة : أي أبصار قلوبهم. وقوله : (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ)(٤) أي ما تبصرون وتعتبرون. وقوله : (هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ)(٥) أي هذا القرآن حجج واضحة وبراهين بيّنة ، وأصلها من الظهور. ومنه البصائر لقطع الدم وطرائقه. والبصائر أيضا واحدتها بصيرة. قال الشاعر : [من الكامل]
راحوا بصائرهم على أكتافهم |
|
وبصيرتي يعدو بها عتد [وأى](٦) |
أي (٧) الباصرة : الجارحة الناظرة.
ورأيته لمحا باصرا (٨) أي نظرا بتحديق. وقوله : (وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً)(٩) أي مبصرا أهلها ، أو يبصر أهلها فيها ، كقوله : ليله نائم ونهاره صائم ، قصدا للمبالغة. ومثله : (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً)(١٠) أي آية واضحة.
__________________
(١) ٩٦ / طه : ٢٠.
(٢) ١٠٣ / الأنعام : ٦.
(٣) ٧ / البقرة : ٢.
(٤) ١٠٤ / الأنعام : ٦.
(٥) ٢٠٣ / الأعراف : ٧.
(٦) الكلمة إضافة من اللسان ، والبيت للأشعر الجعفيّ. والعتد : صفة للجواد التام الخلق السريع الوثبة (مادة ـ عتد).
(٧) يرجح أن (أي) غير لازمة ، أو أنها جزء من ختام البيت.
(٨) وهم الناسخان (للأصل) فنسخا هنا : ناظرا ، ولعل الصواب ما ذكرنا.
(٩) ١٢ / الإسراء : ١٧.
(١٠) ٥٩ / الإسراء : ١٧.