يَنْبَغِي لَهُ)(١) أي لا يتسخّر ولا يتسهّل له. قال الراغب : ألا ترى أن لسانه لم يكن يجري به؟ (٢). قلت : ولذلك كان إذا تمثّل بشيء من الشعر أتى به على غير نظمه. كما يحكى أنه تمثّل بقول طرفة فقال (٣) :
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا |
|
ويأتيك من لم تزوّد بالأخبار |
فلقّنه أبو بكر : ويأتيك بالأخبار من لم تزود. فلم يقله. وقد نقل أنه تكلّم بشيء على سبيل الإتّفاق ، وقد أتقنّا هذه المسألة. وخلاف الناس في أنه هل كان مصروفا عن ذلك بطبعه ، أو كان في قدرته ولكن لم يقله في كتابنا «التفسير الكبير».
وابتغى : افتعل من البغي. وقد غلب اختصاصها للإجتهاد في الطلب ؛ فإن كان ذلك المطلوب محمودا فابتغاؤه كذلك وكذا عكسه. فقوله : (ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها)(٤) محمود. وقوله : (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ)(٥) مذموم. وقولهم : ما أنبغي لك ، وما أبتغي لك كذا ، أي ما يصلح ولا يتسهّل.
وقوله عليهالسلام : «لا يتبيّغ بأحدكم الدم فيقتله» (٦). قال الكسائيّ : هو من البغي. فقلت : ومعناه هيجان الدم. ويجمع باغ على بغاة وهو قياسه ، كعار وعراة ، ورام ورماة ، وعلى بغيان. وفي الحديث : «فانطلقوا بغيانا» (٧) ، وذلك نحو راع ورعيان ، والأول هو القياس. قال : [من الوافر]
وإلّا (٨) فاعلموا أنّا وأنتم |
|
بغاة ما بقينا في شقاق |
__________________
(١) ٦٩ / يس : ٣٦.
(٢) الضمير عائد على رسول الله (ص).
(٣) الديوان : ٥٧ ، وهو من الطويل.
(٤) ٢٨ / الإسراء : ١٧.
(٥) ٤٨ / التوبة : ٩.
(٦) الغريبين : ١ / ١٩٢.
(٧) في الأصل : بغيان ، النهاية : ١ / ١٤٣ ، والمعنى : ناشدين وطالبين.
(٨) في الأصل : إلا. والبيت وتصويبه من الديوان لبشر بن أبي خازم ، وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن : ١ / ٣١١.