ب ك ي :
البكاء والبكى بالمدّ والقصر مصدر بكى إذا صرخ من حزن لمصابه. وقد يوجد مع الفرح ، وإليه أشار من قال : [من الكامل]
هجم السّرور عليّ حتى إنّني |
|
من عظم ما قد سرّني أبكاني |
يا عين قد صار البكى لك عادة |
|
تبكين في فرح وفي أحزان |
والمعروف أنّ المصدرين بمعنى ، وأن المدّ والقصر لغتان. وقد جمع بينهما من قال (١) : [من الوافر]
بكت عيني وحقّ لها بكاها |
|
وما يغني البكاء ولا العويل |
وفرّق الراغب (٢) بينهما فقال : البكاء بالمدّ : سيلان الدمع من حزن وعويل ، يقول : إذا كان الصوت أغلب كالرّغاء وسائر الأبنية الموضوعة للصّوت. وبالقصر إذا كان الحزن أغلب. وبكى : يقال في الحزن وإسالة الدمع معا ، ويقال في كلّ واحد منهما منفردا (٣) عن الآخر.
وقوله : (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً)(٤) إشارة إلى الفرح والتّرح ، وإن لم يكن مع الضحك قهقهة ولا مع البكاء إسالة دمع. وأنشدوا في المعنى : [من الطويل]
مسرّة أحقاب تلقّيت بعدها |
|
مساءة يوم أريها يشبه الصاب |
فكيف بأن تلقى مسرّة ساعة |
|
وراء تقصّيها مساءة أحقاب |
وقوله تعالى : (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ)(٥) قيل : إنّ ذلك حقيقة عند من يجعل لهما حياة وعلما. وفي الحديث : «إنّ الرجل الصالح يرفع عمله وله ريح طيب يدخل
__________________
(١) البيت من مطلع لقطعة مذكورة في ديوان حسان : ١ / ٥٠٤ ، وفي الحماسة البصرية جزء منها ، وكلها مذكورة في السيرة النبوية : ٢ / ١٦٢. وفي اللسان أنها منسوبة إلى عبد الله بن رواحة ، أو لكعب بن مالك.
(٢) المفردات : ٥٨.
(٣) في الأصل : مفردا ، ولعلها كما ذكرنا.
(٤) ٨٢ / التوبة : ٩.
(٥) ٢٩ / الدخان : ٤٤.