إبكارا ، وبكّر يبكّر تبكيرا فهو مبكّر. وابتكر يبتكر ابتكارا فهو مبتكر. وبكر يبكر بكورا فهو باكر ، كلّه بمعنى واحد. وإن كان قد يقع في بعضها فرق ، وذلك غير خفي.
ب ك ك :
قال تعالى : (لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً)(١).
بكة : قيل مكة والعرب تعاقب بين الباء والميم ، قالوا : ضربة لازم ولازب (٢) ، وسبّد رأسه وسمّده (٣) ، وهو قول مجاهد في آخرين ، وقيل : بل هما ممّا يترادفان كبرّ وحنطة. وإنّما سميت مكة بكّة لأنها تبكّ أعناق الجبابرة إذا قصدوا منها إلحادا ، وقيل : لازدحام الناس فيها ، وفي الحديث : «فتباكّ الناس عليه» (٤) أي ازدحموا.
وقيل : مكة اسم للبلد ، وبكة اسم لبطنها ، وهو جميع المسجد ، وقيل : بل اسم لموضع الطّواف لأنّ الناس يتباكّون فيه أي يزدحمون ، وقيل : بل اسم للبيت خاصّة ، لأنّه يبكّ من قصده بسوء ، ولأنّ الناس يتباكّون حوله (٥).
ب ك م :
قال تعالى (صُمٌّ بُكْمٌ)(٦).
البكم : الخرس ، والأبكم : الأخرس ، وقيل : هو الذي يولد أخرس ، فكلّ أبكم أخرس من غير عكس. وقد بكم عن الكلام لضعفه عنه لضعف عقله ، فصار كالأبكم. والبكم جمع الأبكم نحو حمر في أحمر ، المراد بكما ، ووصفوا هنا بالبكم وإن كانوا فصحاء لأنّهم لمّا لم يتكلموا بما يجدي عليهم نفعا ، جعلوا بكما كما جعلوا صمّا ، وإن كانوا سامعين لما لم يسمعوا ، وعميا وإن كانوا بصراء ، لأنهم لا بصائر لهم ، وهذا من أحسن تشبيهات القرآن وأبلغها.
__________________
(١) ٩٦ / آل عمران : ٣.
(٢) ضربة لازب : أي لازم شديد (اللسان ـ لزب).
(٣) سبّد رأسه وسمّده : إذا نبت بعد الحلق حتى يظهر. ويقول أبو عبيد : إذا استأصله.
(٤) النهاية : ١ / ١٥٠.
(٥) وانظر معجم البلدان مادة : مكة وبكة.
(٦) ١٨ / البقرة : ٢.