ذلك في زمان ولا مكان ، فلا يقال : أدركني مكان كذا ، ولا بلغني مكان كذا.
ويقال : بلّغته الخبر وأبلغته إيّاه. وقد قرىء (أُبَلِّغُكُمْ) و (أُبَلِّغُكُمْ)(١) بالتخفيف والتثقيل. قال الراغب : وبلّغه أكثر ، يعني : من أبلغه (٢).
والبلاغة في الكلام التي هي أخت الفصاحة ، يوصف بها المتكلم والكلام ، ولا توصف بها الكلمة. والفصاحة يوصف بها الثلاثة ، وهي في الكلام عبارة عن مطابقة لمقتضى الحال مع كونه فصيحا ، وفي المتكلم (٣) عن ملكة يقتدر بها على تأليف كلام بليغ ، هذا حدّها في اصطلاح البيانيين.
وقال الراغب : والبلاغة تكون على وجهين : أحدهما أن يكون بذاته بليغا ، وذلك [بأن](٤) يجمع ثلاثة أوصاف : أن يكون صوابا مع موضوع لغته ، وطبقا للمعنى المقصود به ، وصدقا في نفسه. ومتى انخرم وصف من ذلك كان ناقصا في البلاغة. والثاني : أن يكون بليغا باعتبار القائل والمقول له ، وهو أن يقصد القائل به أمرا ما فيورده على وجه حقيق أن يقبله المقول له.
وقوله : (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً)(٥) يصحّ حمله على المعنيين. وقول من قال (٦) : [معناه](٧) قل لهم : إن أظهرتم ما في أنفسكم قتلتم ، وقول من قال : خوّفهم بمكاره تنزل بهم ، فإشارة إلى بعض ما يقتضيه عموم اللفظ.
والبلغة : ما يتبلّغ به (من العيش) (٨). والمبالغة : الاجتهاد في الأمر ، يقال : بالغ في أمره ، وهو ما تقدّم ، فإنّه بلوغ نهاية الأمد في الاجتهاد. وفي الحديث : «كلّ رافعة
__________________
(١) ٦٢ / الأعراف : ٧.
(٢) لم يقصد الراغب قراءة الآية ، بل الفعل نفسه. انظر (المفردات : ٦٠).
(٣) كذا في س ، وفي ح : وفي العبارة.
(٤) إضافة من المفردات : ٦١.
(٥) ٦٣ / النساء : ٤.
(٦) وفي س : وقوله.
(٧) إضافة المحقق من المفردات.
(٨) بياض في الأصل ، وإضافتنا من اللسان والمفردات.