ت ل و :
التّلاوة : المتابعة. يقال : تلوت زيدا أي تبعته. وغلب في العرف التلاوة على قراءة القرآن ؛ فمنه قوله تعالى : (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ)(١) لأنّ القارىء يتبع كلّ كلمة أختها.
وقيل : (فَالتَّالِياتِ ذِكْراً)(٢) قيل : هم الملائكة ؛ يتلون وحي الله على أنبيائه أو يتلون ذكر الله بتسبيحهم وتقديسهم ، أو هم كلّ (٣) من تلا ذكر الله من ملك وغيره. وقوله : (تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ)(٤) أي تتبع عملها إن خيرا فللجنّة ، وإن شرّا فللنار. وفي معناه : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ) الآية (٥).
وقيل : تلاه : تبعه متابعة ليس بينهما ما ليس منهما ؛ فتارة يكون بالجسم نحو : تلوت زيدا ، وتارة بالاقتداء في الحكم ومصدره التّلوّ والتّلو ، وتارة بالقراءة وبفهم المعنى ومصدره التّلاوة. فالتّلاوة أخصّ من القراءة ؛ وذلك أن التّلاوة تختصّ باتّباع كتبه المنزلة ؛ تارة بالقراءة وتارة بالامتثال لما فيه من أمر ونهي وترغيب وترهيب ، أو ما يتوهّم فيه ذلك ، وعلى هذا (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ).
وقوله : (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ)(٦) أي يتبع أحكامه ويقتدي بها ويعمل بموجبها. وقوله : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ)(٧) سمّاه تلاوة تنزيلا على اعتقاد الشيطان ، فإنه كان يزعم أنّ ما يتلوه من كتب الله تعالى.
وقوله : (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها)(٨) إنما قال تلاها لأنّ معناه هنا الاقتداء ، وذلك لما قيل إنّ القمر مقتبس من نور الشمس ؛ فهو لما بمنزلة الخليفة. وعلى هذا نبّه بقوله : (وَجَعَلَ
__________________
(١) ١٢١ / البقرة : ٢.
(٢) ٣ / الصافات : ٣٧.
(٣) الكلمة ساقطة من ح.
(٤) ٣٠ / يونس : ١٠. قال الفراء : أي تقرأ (الغريبين : ١ / ٢٦١).
(٥) ٣٠ / سورة آل عمران : ٣ ، وتتمته : (... لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً ....).
(٦) ١٧ / هود : ١١.
(٧) ١٠٢ / البقرة : ٢.
(٨) ٢ / الشمس : ٩١.