معناه صارت ذات ثقل نحو : أثقلت الأرض. قوله : (مِثْقالَ حَبَّةٍ)(١) ، (مِثْقالَ ذَرَّةٍ)(٢) أي زنة ذلك. والمثقال ما يوزن به. قال الشاعر (٣) : [من الطويل]
وكلّا يوفّيه الجزاء بمثقال
وغلب في التعارف على قدر مخصوص من الذّهب لم يتغيّر جاهلية ولا إسلاما.
قوله : (اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ)(٤) أي أخلدتم إليها. وقال البصريون : يقال : ثقلت إلى الأرض : اضطجعت عليها واطمأننت. فاثّاقلتم : تفاعلتم من ذلك. وإنما أدغمت التاء في الثاء فسكّنت ، واجتلبت همزة وصل ، ومثله (فَادَّارَأْتُمْ)(٥) الأصل تدارأتم كما حقّقناه في غير هذا. وقيل : لأنّ ميلانهم إلى أسفل كالحجر.
وقوله : (أَيُّهَ الثَّقَلانِ)(٦) هما الإنس والجنّ. قيل : سمّيا بذلك لتثقّلهما (٧) الأرض. وقيل : لأنّ لهما قدرا وخطرا ، وذلك لما فضّلا به عن سائر الحيوان من العقل والتّمييز والتناول بالأيدي ، ولا سيّما بني آدم ، لقوله : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) الآية (٨). وقوله عليه الصلاة والسّلام : «إني تارك فيكم الثّقلين ؛ كتاب الله وعترتي» (٩) فيه وجهان أحدهما أنّ لهما قدرا عظيما ووزنا خطيرا (١٠). ولذلك سميت بيضة النّعام ثقلان (١١) ... وقال ثعلب (١٢) : لأنّ أخذهما ثقيل والعمل بهما ثقيل.
__________________
(١) ٤٧ / الأنبياء : ٢١.
(٢) ٤٠ / النساء : ٤ ، وغيرها.
(٣) الغريبين : ١ / ٢٩٠.
(٤) ٢٨ / التوبة : ٩. ويعلق ابن منظور فيقول : «عدّاه بإلى لأن فيه معنى ملتم».
(٥) ٧٢ البقرة : ٢.
(٦) ٣١ / الرحمن : ٥٥.
(٧) وفي س : لثقلهما.
(٨) ٧٠ / الإسراء : ١٧.
(٩) النهاية : ١ / ٢١٦.
(١٠) لم يذكر الثاني ، أو أنه ذكر الصفتين ونسي (ثانيهما). ويعلق ابن الأثير على الحديث فيقول : «سمّاهما ثقلين ؛ لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل» ، وعزاه المصنف إلى ثعلب.
(١١) فراغ في الأصل ، ولعل السياق يقضي بأن يقول : لأنها مصونة ، أو الرأي الثاني المفقود.
(١٢) أول كلام ثعلب كما في اللسان (ثقل) : سميا ثقلين. وفي الغريبين : ١ / ٢٩١ : «سمّاهما ...».