والجدّ : الحظّ أيضا والبخت ، ومنه قوله عليهالسلام : «ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ» (١) معناه لا ينفع صاحب البخت والغنى منك حظّه ولا غناه إنما ينفعه منك طاعته لك وعبادته إياك. وقيل : لا يتوصّل إلى ثواب الله في الآخرة بالحظوظ إنما يتوصّل إليه بالطاعة والجدّ فيها. وهذا هو الّذي أنبأ عنه قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ)(٢) ، (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ)(٣) الآيتين. ومثله في المعنى : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ)(٤).
وقيل : المراد بالجدّ الجدّ الذي هو أبو الأب أو أبو الأمّ ، والمعنى لا ينفع أحدا نسبه كقوله : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ)(٥). وكما نفي نفع المال والبنين في الآخرة بالآية الكريمة نفي نفع الأبوّة في الحديث ، أي لا ينفع أحدا (٦) نسبه ولا أبوّته.
وقوله تعالى : (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ)(٧) جمع جدّة وهي كلّ طريق في الجبل يخالف لونها لون ما يجاورها ، والمعنى طريقة ظاهرة من قولهم : طريق مجدود ، أي مقطوع بالسلوك ، ومنه جادّة الطريق. والجدود والجدّاء من الضأن : ما انقطع لبنها. وجدّ ثدي أمّه أي قطع ؛ دعاء عليه بالهلكة. والجدّ : قطع الأرض المستوية.
جدّ يجدّ جدّا. وجدّ في أمره جدّا : توانى ، وأجدّ : صار ذا جدّ ، وتصوّر من الجدد (٨) مجرّد القطع / فقيل : جددت الثوب : قطّعته على وجه الإصلاح ، ومنه ثوب جديد ، ويقابل به الخلق لتقدّم لبسه ، ثم جعل الجديد لكلّ ما أحدث إنشاؤه ؛ وعليه (بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ)(٩) إشارة إلى النشأة الثانية. ومنه قيل للملوين (١٠) الأجدّان والجديدان لحدوث
__________________
(١) النهاية : ١ / ٢٤٤.
(٢) ١٨ / الإسراء : ١٧.
(٣) ١٥٢ / آل عمران : ٣.
(٤) ٨٨ / الشعراء : ٢٦.
(٥) ١٠١ / المؤمنون : ٢٣.
(٦) وفي ح : أحد ، وسقطت من س.
(٧) ٢٧ / فاطر : ٣٥.
(٨) وفي الأصل : الجد ، ولعلها كما ذكرنا.
(٩) ١٥ / ق : ٥٠.
(١٠) الملوان : الليل والنهار ، واحدها ملا.