كان عمرو وعمر بمعنى. ومعناه : ليس بجرم لنا أنّ لهم النار تنبيها أنّهم اكتسبوها بما ارتكبوه إشارة إلى نحو : (وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها)(١) وقول الشاعر يصف عقابا (٢) : [من الوافر]
جريمة ناهض في رأس نيق
فسمّى ما تكتسبه جرما ؛ إما لأنها تقتل ما تصيده وإما لأنها ترتكب جرائم ، إشارة إلى قول من قال : ما كان ذو ولد وإن كان بهيمة إلا ويذنب لأجل أولاده.
ج ر ي :
الجري : المرّ السريع ، وأصله في الماء أو ما يجري مجراه ، ومنه قوله تعالى : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ)(٣) ؛ فيه (٤) مجازان : أحدهما : من تحت أشجارها وقصورها وفرشها كما نقلناه مجرّدا في «التّفسير». والثاني : إسناد الجريان للأنهار ، والأنهار (٥) لا تجري لأنها الأخاديد ، ولنا فيه كلام حقّقنا وجه المجاز فيه.
وقوله : (حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ)(٦) يعني السفينة وجمعها جوار ، كقوله : (وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ)(٧) ، (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ)(٨).
يقال : جرى يجري جريا وجريانا. والجريّ : الرسول أو الوكيل الجاري ، فهو أخصّ من الوكيل والرسول. وقوله : (أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ)(٩) يجوز أن يحمل على مجرّد الجري
__________________
(١) ٤٦ / فصلت : ٤١ ، وغيرها.
(٢) البيت لأبي خراش الهذلي يصف عقابا ترزق فرخها وتكسب له ؛ فمعنى جريمة ناهض : كاسبة فرخ وهو الناهض. نيق : شمراخ من شماريخ الجبل. وعجزه (ديوان الهذليين : ٢ / ١٣٣) :
ترى لعظام ما جمعت صليبا
(٣) ٢٥ / البقرة : ٢ ، وغيرها.
(٤) وفي س : فيها.
(٥) الكلة ساقطة من ح.
(٦) ١١ / الحاقة : ٦٩.
(٧) ٢٤ / الرحمن : ٥٥.
(٨) ٣٢ / الشورى : ٤٢.
(٩) ٧٦ / النساء : ٤.