موضع رفع بالفاعلية له كأنه حقّ. وحيث علم الله سرّهم وعلنهم ، وإن فسّرناه بمعنى كسب ، كان أنّ وما في خبرها في موضع المفعول ، والفاعل مضمر أي كسب الحقّ علم الله سرّهم وعلنهم. وقد حقّقنا هذا بكلام طويل في «الدرّ المصون» وغيره.
وقوله تعالى : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ)(١) أي لا يكسبنّكم بغض قوم على الاعتداء ، وكذلك (لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي)(٢) أي لا يحملنّكم خلافي وبغضي.
ويقال : جرم وأجرم ، ومن الثاني : (فَعَلَيَّ إِجْرامِي)(٣). وفلان جريمة أهله أي كاسبهم. واجترم بمعنى اكتسب. والجريمة : ما يكتسبه الإنسان. وفي الحديث : «لا والذي أخرج العذق من الجريمة والنار من الوثيمة» (٤) ، قيل : الجريمة : النواة. والوثيمة : الحجارة المكسورة.
وأصل الجرم : قطع الثمر عن الشجر ، والثمر : جريم ، والجرام : الرديء منه ، أتي به على بناء النّفاية. وأجرم : صار ذا جرم ، واستعير لكلّ اكتساب ، إلا أنه غلّب في المكروه ، ومصدره الجرم. وجرمت صوف الشاة : استعارة من جرم الثمر. والجرم في الأصل : اسم للشيء المجروم أي المقطوع ، / وجعل اسما للجسم المجروم ، ثم أطلق على كلّ جسم. ويطلق الجرم على الصوت في قولهم : فلان حسن الجرم. قيل : الجرم في الحقيقة إشارة إلى موضع الصوت لا إلى ذات الصوت ، ولكن لمّا كان المقصود بوصفه بالحسن فسّر به ، كقولك : فلان طيب الحلق إشارة إلى الصوت لا إلى الحلق نفسه ، قاله الراغب (٥) : وهو حسن. وقد تحصّل (٦) أنّ الجرم مثلث باختلاف معان كما تقدّم بيانه. قال : وجرم وجرم بمعنى ، ولكنّ خصّ بهذا (٧) الموضع (٨) كما خصّ «عمرو» بالقسم وإن
__________________
(١) ٢ / المائدة : ٥.
(٢) ٨٩ / هود : ١١.
(٣) ٣٥ / هود : ١١.
(٤) النهاية : ١ / ٢٦٣.
(٥) المفردات : ٩٢.
(٦) وفي س : يحصل.
(٧) وفي ح : هذا.
(٨) يعني : خص جرم.