وقد يقال بالعكس.
وقوله : (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ)(١) بقطع الهمزة ووصلها ، وقوله : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ)(٢) أجمع السبعة على أنّه من أجمع ؛ فمن قال إنه يكون للمعاني وللأعيان لم يحتج إلى اعتذار ، ومن التزم التّفرقة نصب «شركاءكم» بفعل مضمر (٣) أو على المتعدي ولا يصحّ لما بينّاه في غير هذا.
وقوله : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ)(٤) قيل : جمعوا آراءهم بالفكر والتدبّر والمكر ، وقيل : جمعوا جنودهم ليقاتلوكم (٥) بهم ، وكلا الأمرين قد كان. وقوله : (وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ)(٦) ، يجوز أن يكون مثل تامر ورامح أي ذي جمع ، وأن يكون بمعنى ذي خطر وشأن يجتمع له الناس. فنسب الجمع إليه كأنه هو الذي جمعهم.
وقوله : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ)(٧) أي جمع لأجله الناس لفصل القضاء فيه ، ولذلك سماه مشهودا (٨) لأنه يحضره الخلائق أجمعون.
وقوله : (وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ)(٩) يجوز أن يكون الجمع بمعنى الاجتماع ، وأن يكون على أصله. يقال : جمعتهم فاجتمعوا. وقوله : (نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ)(١٠) قدّروا أنهم يغلبونه عليه الصلاة والسّلام باجتماعهم وتضامّهم ، فأعلمه الله أنهم مهلكون من الجهة
__________________
(١) ٦٤ / طه : ٢٠.
(٢) ٧١ / يونس : ١٠.
(٣) وفي الأصل : بفعل المضمر. يقول الفراء : «نصبت الشركاء بفعل مضمر كأنك قلت : فأجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم ، وكذلك هي قراءة عبد الله. والضمير (يريد الفعل المحذوف العامل للنصب وهو هنا «ادعوا») ها هنا يصلح إلقاؤه لأن معناه يشاكل ما أظهرت. وقد قرأها الحسن «وشركاؤكم» بالرفع ، وإنما الشركاء ها هنا آلهتهم كأنه أراد : أجمعوا أمركم أنتم وشركاؤكم. ولست أشتهيه لخلافه للكتاب ولأن المعنى فيه ضعيف لأن الآلهة لا تعمل ولا تجمع» (معاني القرآن : ١ / ٤٧٣).
(٤) ١٧٣ / آل عمران : ٣.
(٥) في الأصل : ليقاتلونكم.
(٦) ٦٢ / النور : ٢٤.
(٧) ١٠٣ / هود : ١١.
(٨) في سورة البروج : «وشاهد ومشهود».
(٩) ٧ / الشورى : ٤٢ ، يعني يوم القيامة.
(١٠) ٤٤ / القمر : ٥٤.