التي قدّروا منها غلبتهم وانتصارهم. فقال : سيهزم الجمع وما أبلغ ما جاء : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ)(١) دون أن يقول : الجميع. كما قالوا : (نَحْنُ جَمِيعٌ) لمعنى بديع حقّقناه في موضعه.
وقوله عليه الصلاة والسّلام : «أوتيت جوامع الكلم» (٢) فسّره الهرويّ (٣) بأنه القرآن العظيم ؛ قال : يعني القرآن ؛ جمع الله بلطفه في ألفاظ يسيرة منه معاني كثيرة. والظاهر أنّه يريد ما أوتيه صلىاللهعليهوسلم من البلاغة والإيجاز ، ويشهد له «واختصر لي الكلام اختصارا» (٤) وفي صفته عليه الصلاة والسّلام : «كان يتكلم بجوامع الكلم» (٥) يريد : ما قلّ لفظه وكثر معناه.
والجمّاع : جماعات من قبائل شتّى متفرقة ، فإذا كانوا مجتمعين قيل : جمع. قال أبو قيس (٦) : [من السريع]
ثمّ تجلّت (٧) ولنا غاية |
|
من بين جمع غير جمّاع |
وفي الحديث : «كان في جبل تهامة جمّاع غصبوا المارّة» (٨) والجماع كناية عن الوطء. والجماع أيضا ما جمع عددا ، ومثله الجميع ، وعن الحسن : «اتّقوا هذه الأهواء فإنّ جماعها الضّلالة» (٩).
وأجمع وأجمعون وجمعاء وجمع يولّد بهنّ ما يطابقها. ولا يثنّى أجمع ولا جمعاء استغناء عنهما بكلا وكلتا. ولهذه أخوات مذكورة في كتب النحو. وجمع معدولة ، وفي ما عدلت عنه خلاف ، وأكثر ما يقع أجمع وما ذكر معه بعد كلّ وجميع أيضا من ألفاظ
__________________
(١) ٤٥ / القمر : ٥٤.
(٢) النهاية : ١ / ٢٩٥.
(٣) والرأي مذكور في النهاية.
(٤) رواه العسكري والنسائي وله شواهد في الصحيح (كشف الخفاء : ١ / ٢٦٣).
(٥) النهاية : ١ / ٢٩٥.
(٦) هو أبو قيس بن الأسلت السّلميّ يصف الحرب ، كما في اللسان ـ مادة جمع. والمفضليات : ٢٨٥. والصدر مضطرب في الأصل.
(٧) وفي اللسان : حتى انتهينا. وفي المفضليات : حتى تجلت.
(٨) النهاية : ١ / ٢٩٥.
(٩) النهاية : ١ / ٢٩٥.