وكنّى بذلك عن ضلالهم وإحيائهم الليل كلّه. فاستعار (١) اسم الجمل لليل نحو : اقتعد غارب اللهو ، وركب سنام الغواية. وفي حديث الملاعنة : «إن جاءت به أورق جعدا جماليّا» الجماليّ (٢) : العظيم الخلق ، التامّ الأوصال. وناقة جماليّة كذلك تشبيها بالجمل لعظم خلقه وقوته.
ج م م :
قوله تعالى : (وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا)(٣).
والجمّ : الكثير ، من جمّة الماء أي معظمه ومجتمعه ، الذي جمّ فيه الماء عن السّيلان. ومنه جمّة البئر لمكانها الذي يجتمع فيه الماء كأنه أجمّ أياما.
وجمّة الشّعر لاجتماعه ، قال الراغب : ما اجتمع من شعر الناصية. وقال شمر : الجمّة أكثر من الوفرة ؛ وهي ما سقط من شعر الرأس على المنكبين ، والوفرة ما بلغت منه شحمة الأذنين. واللّمّة : ما ألمّت بالمنكبين ؛ فأكبرها الجمّة ، ثم اللمّة ، ثم الوفرة. وفي صفته عليه الصلاة والسّلام : «كان له جمّة جعدة» (٤).
وجمّة الماء لمعظمه لاجتماعه في البئر. وقد جمّ يجمّ ويجمّ جمّا وجموما ، قال : [من الطويل]
وإنسان عيني يحسر الماء تارة |
|
فيبدو ، وتارات يجمّ فيغرق |
قال الراغب : وأصل الكلمة من الجمام وهو الراحة للإقامة وترك تحمّل التّعب. ويقال : جمام المكّوك دقيقا بالكسر ، وجمام القدح ماء بالضم (٥) ، إذا امتلأ وعجز عن الزيادة لاجتماع ذلك وكثرته.
__________________
(١) الاستعارة في قوله «يتخذون الليل جملا».
(٢) النهاية : ١ / ٢٩٨.
(٣) ٢٠ / الفجر : ٨٩.
(٤) النهاية : ١ / ٣٠٠. ويقول ابن الأثير : الجمة من شعر الرأس : ما سقط على المنكبين.
(٥) وابن منظور يضم الأولى ويقول : «ولا يقال جمام بالضم إلا في الدقيق» ، والفراء يكسر الثانية.