والجمّة أيضا : القوم يجتمعون لتحمّل مكروه (١). والجموم : الفرس الكثير الشدّ. وشاة جمّاء : لا قرن لها ، قال الراغب : اعتبارا بجمّة الناصية. وفي الحديث : «يقتصّ للجمّاء من القرناء» (٢).
والجمّ الغفير أي الجمع الكثير. والغفير من الغفر وهو السّتر كأنه ستر الأرض بكثرته. وقولهم : جاؤوا الجمّاء الغفير ، من ذلك. وشذّ مجيء الحال هنا معرفة (٣). وقيل : «ال» زائدة ، وهو المختار. وفي الحديث (٤) : «سئل : كم المرسلون؟ فقال : ثلاث مئة وخمسة عشر (٥) جمّ الغفير» ، قال أبو بكر : الرواية كذلك ، والصواب : جمّاء غفيرا. وعن ابن الأعرابيّ والكسائيّ : أصل الجمّاء الغفير : بيضة الحديد يعني أنها تجمع الشّعر ؛ فالجمّاء من الجمّ ، والغفير من غفرت المتاع : سترته. فقولك : مررت بهم الجمّاء الغفير أي مجتمعين كاجتماع البيضة وما تحتها من الشعر. وفي الحديث : «لعن الله المجمّمات من النساء» (٦) ، قال الأزهريّ : أراد المترجّلات يتّخذن (٧) شعورهنّ جمّة لا يرسلنها (٨). قال الهرويّ : ويحتمل أن يكون مأخوذا من الأجمّ وهو الذي لا رمح معه ، وهو جمّ يجمّ ، وفيه نظر إذ لا معنى لذلك.
وفيه : «أمرنا أن نبني المدائن شرفا والمساجد جمّا» (٩) ؛ جمّ جمع أجمّ وهي التي لا
__________________
(١) وفي اللسان : الجمة : القوم يسألون في الحمالة والديات.
(٢) ورواية الحديث (في النهاية : ١ / ٣٠٠): «إن الله تعالى ليدينّ الجمّاء من ذات القرن». يدي : يجزي.
(٣) يقول الزمخشري : وحق الحال أن تكون نكرة وذو الحال معرفة ، وأما : أرسلها العراك وجاؤوا قضّهم بقضيضهم ... فمصادر قد تكلم بها على نية وضعها في موضع ما لا تعريف فيه. ومن الأسماء المحذوّ بها حذو هذه المصادر قولهم : مررت بهم الجمّاء الغفير (شرح المفصل : ٢ / ٦٢).
(٤) الحديث لأبي ذر (النهاية : ١ / ٢٩٩). ويقول ابن الأثير : هكذا جاءت الرواية ، قالوا : والصواب. جمّاء غفيرا.
(٥) وفي رواية أوردها ابن الأثير : ثلاثة عشر.
(٦) النهاية : ١ / ٣٠٠.
(٧) في الأصل : يتخذون.
(٨) تصرف المؤلف في لفظ الأزهري ، ولكنه لم يخرج عن المعنى. انظر اللسان ـ مادة جمم. ويقصد أنهنّ يتشبّهن بالرجال.
(٩) النهاية : ١ / ٣٠٠. أراد بالشرف : التي طولت أبنيتها بالشّرف ، الواحدة شرفة.