وأقبحهما الثاني لأنّ صاحبه يجهل ويجهل أنّه يجهل. وقد قسمه بعضهم إلى ثلاثة أقسام : الأول خلوّ النفس من العلم وهذا هو الأصل. ولذلك جعله بعض المتكلمين معنى مقتضيا للأفعال الخارجة على النظام ، كما جعل العلم معنى مقتضيا للأفعال الخارجة من النظام (١). والثاني اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه. والثالث فعل الشيء خلاف ما حقّه أن يفعل سواء أعتقده صحيحا أم فاسدا ، كمن ترك الصلاة (٢). وإذا أطلق الجهل فأكثر ما يراد به الذمّ ، وقد لا يرد (٣) بهذا المعنى كقوله : (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ)(٤) يريد الجاهل بأحوالهم.
واستجهلت الريح الغضا أي استخفّته فحرّكته ، فكأنّ الجهل حقّه العلم كالسّفه. والمجهل : الأرض التي لا مثار بها (٥). قال (٦) : [من الطويل]
غدت [من](٧) عليه بعد ما تمّ ظمؤها |
|
تصلّ وعن قيض بزيزاء مجهل |
والمجهل : أيضا (٨) الأمر والخصلة الحاملة للإنسان على اعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه. وقد يطلق الجهل على مجازاته للمقابلة ، كقوله (٩) : [من الوافر]
ألا لا يجهلن أحد علينا |
|
فنجهل فوق جهل الجاهلينا |
وفي الحديث : «أنّه عليه الصلاة والسّلام أخذ (١٠) أحد ابنيه (١١) وقال : إنكم
__________________
(١) الجملة مكررة في الأصل ، فأسقطناها.
(٢) يتركها جاحدا.
(٣) وفي الأصل : يرد لا. أي بمعنى الذم.
(٤) ٢٧٣ / البقرة : ٢.
(٥) وفي اللسان : لا يهتدي فيها.
(٦) البيت لمزاحم بن الحارث العقيلي يصف قطاة. استشهد به ابن هشام في المغني : ١٤٦ شاهدا على أن تكون (على) اسما بمعنى فوق إذا دخلت عليه من. كما استشهد ابن هشام بصدره في أوضح المسالك : ٢ / ١٥١.
(٧) ساقطة من الأصل ، والإضافة من المصدرين السابقين.
(٨) في الأصل : الإيضاء.
(٩) البيت لعمرو بن كلثوم ، وهو آخر معلقته (شرح المعلقات التسع : ٢ / ٦٧٩).
(١٠) وفي ح : أنه أخذ.
(١١) وفي ح : أحد بنيه.