متجاوران. وباعتبار القرب قيل : جار عن الطريق. ثم جعل ذلك عبارة عن كلّ ميل عن الحقّ والعدل ، فقيل : جار في حكمه إذا عدل عن الحقّ.
وقوله تعالى : (وَمِنْها جائِرٌ)(١) أي عن السبيل ؛ قيل : هو عادل عن المحجّة (٢) ، وذلك عبارة عن الطريق الموصلة إلى الخير وإلى الشرّ. فقال تعالى : (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ)(٣) أي مستوى الطريق. ثم أخبر أنّ من الطرق ما هو خارج عن هذا القصد ، ناكب عنه (٤). وما أحسن ما نسب القصد لنفسه دون الجور ، وإن كان الباري تعالى هو خالق كلّ شيء من خير وشرّ ، ولكنه من باب : (بِيَدِكَ الْخَيْرُ)(٥)(وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)(٦)
وقوله : (وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ)(٧) أي يؤمّن من يخاف من غيره ، ولا يؤمّن من يخيفه هو. يقال (٨) : أجرت فلانا أي حميته ومنعته. واستجار بي أي استغاث بي واحتمى وامتنع.
ج وز :
قوله تعالى : (فَلَمَّا جاوَزَهُ)(٩) أي تعدّاه.
يقال : جزت البلد أي تعدّيته ، فجاوز بمعنى تجاوز. ومنه قيل للفعل المتعدّي : متجاوز ، وأصله من لفظ الجوز. والجوز : الوسط. تقول : رأيت (١٠) جوز السماء أي
__________________
(١) ٩ / النحل : ١٦.
(٢) في الأصل : الحجة. أي مائل عنها.
(٣) ٩ / النحل : ١٦.
(٤) نكب عنه : عدل.
(٥) ٢٦ / آل عمران : ٣ ، أي من باب نسبة ما هو خير إلى الله دون ما هو شر ، وإن كان كلاهما من الله كما تقدم فوق.
(٦) ٨٠ / الشعراء : ٢٦.
(٧) ٨٨ / المؤمنون : ٢٣.
(٨) وفي ح : يقول.
(٩) ٢٤٩ / البقرة : ٢.
(١٠) ساطة من ح.