ح ب ر :
قوله تعالى : (أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ)(١) أي تنعمون ، وقيل : تسرّون. وأصل اللفظة من الحبر وهو الأثر المستحسن. وفي الحديث : «يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره» (٢) أي بهاؤه وجماله. ومنه سمّي الحبر ، وشعر محبّر ، وشاعر محبّر لشعره. والتّحبير : التحسين من ذلك. وفي الحديث (٣) : «لحبّرتها (٤) لك تحبيرا».
وثوب حبير ، وأرض محبار ، كلّ ذلك بمعنى التّحسين. والحبرة : ثياب باليمن. والحبر : الرجل العالم بفتح الحاء وكسرها ؛ سمي بذلك لما يبقى / في قلوب الناس من آيات علومه الحسنة وآثاره الجميلة المقتدى بها من بعده. وإلى هذا أشار عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله : «العلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وآثارهم في القلوب موجودة».
فقوله : (يُحْبَرُونَ)(٥) معناه يفرحون ويسرّون حتى يظهر عليهم حبار نعيمهم ، والحبرة : السرور. والحبرة : النعمة أيضا. والحبر والحبار : الأثر (٦) ، والأحبار جمع حبر وهو العالم. وقد تقدّم أن فيه لغتين ؛ فتح الفاء وكسرها. وأنكر أبو الهيثم الكسر ، وقال : هو بالفتح لا غير. قال القتيبيّ : لست أدري لم اختار أبو عبيد الكسر؟ قال : والدليل على الفتح قولهم : كعب الأحبار أي عالم العلماء. قال أبو بكر : لم ينصف أبا عبيد ؛ فإنه حكى عن الأئمة أنّ منهم من اختار الفتح ، ومنهم من اختار الكسر. والعرب تقول : حبر وحبر نحو
__________________
ـ فإنه إذا وصل إلى المحبوب لم تزل محبته. ولهذا يطلق العشق في جهة الله تعالى بخلاف المحبة فإنها تطلق. سيّد».
(١) ٧٠ / الزخرف : ٤٣.
(٢) النهاية : ١ / ٣٢٧.
(٣) من حديث أبي موسى (النهاية : ١ / ٣٢٧).
(٤) في الأصل : لحبرته ، والتصويب من النهاية والحديث عن القراءة.
(٥) ١٥ / الروم : ٣٠.
(٦) في الأصل : الأمر ، والتصويب من اللسان.