كقوله (١) : [من الكامل]
ألقى الصحيفة كي يخفّف رحله |
|
والزّاد ، حتى نعله ألقاها |
وتكون حرف ابتداء ، وذلك إذ وليها الجمل (٢) كقوله (٣) : [من الطويل]
فما زالت القتلى تمجّ دماءها (٤) |
|
بدجلة حتى ماء دجلة أشكل |
فالغاية لا تفارقها في أحوالها الثلاثة. وقرىء قوله تعالى : (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ)(٥) بالرفع والنصب على جعلها جارّة أو ابتدائية ، حسبما أوضحناه في غير هذا الكتاب. ومن أمثلة النحاة : أكلت السمكة حتى رأسها ؛ برفع رأسها ونصبها وجرّها على التقادير الثلاثة (٦). والغالب فيها أنّ ما بعدها يدخل في ما قبلها عكس إلى.
قال الراغب : إنّ ما بعد حتّى يقتضي أن يكون بخلاف ما قبله نحو قوله (٧) : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا)(٨). وقد يجيء ولا يكون كذلك ، نحو ما روي : «إنّ الله لا يمل حتّى تملّوا» (٩) ولم يقصد أن يثبت ملالا لله تعالى بقدر ملالهم. قلت : هذا ورد على المقابلة نحو : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ)(١٠). والمراد بالملل القطع.
__________________
(١) يروى البيت لمروان النحوي قاله في قصة المتلمس وفراره من عمرو بن هند. وهو من شواهد ابن هشام في أوضح المسالك : ٣ / ٤٥ ، وكتاب سيبويه : ١ / ٩٧.
(٢) الكلمة ساقطة من ح.
(٣) البيت لجرير من قصيدة يهجو بها الأخطل (الديوان : ٤٥٧) ، وهو من شواهد اللسان (مادة شكل) ، و (شواهد المغني : ١٢٨).
(٤) وعلى هذه الرواية المغنى ، وفي المصدرين الآخرين : تمور دماؤها. والأشكل : فيه بياض وحمرة.
(٥) ٢١٤ / البقرة : ٢. قرأها الفراء بالنصب إلا مجاهدا وبعض أهل المدينة (وهو نافع) فإنهما رفعاها (معاني القرآن للفراء : ١ / ١٣٢) ، وانظر كتاب سيبويه : ٣ / ٢٤.
(٦) انظر هذه المسألة في المغني : ١٢٦.
(٧) هذا ليس قول الراغب : إنما هو نقل ؛ يقول : «وقيل : إن ...» ص ١٠٧. وكلمة «قوله» ساقطة من ح.
(٨) ٤٣ / النساء : ٤.
(٩) البخاري ـ باب الإيمان ، الحديث : ٣٢.
(١٠) ٥٤ / آل عمران : ٣.