مَسْتُوراً)(١) كقوله : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً)(٢). ومستورا قيل : بمعنى ساترا ، والصحيح أنّه على بابه ، وقد قررناه في غير هذا.
والحاجب للسلطان : الذي يمنع من يصل إليه. وحاجبا العين من ذلك ، لأنّهما يمنعان العين ممّا يصيبها. وحجاب الشمس : ضوؤها ، لأنّه يبهر النظر ، كأنّه يمنع من تحقّقها. قال الغنويّ (٣) : / [من الطويل]
إذا ما غضبنا غضبة مضريّة |
|
هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما |
قال شمر : حجابها ضوؤها هاهنا. وفي الحديث : «إنّ الله يغفر للعبد ما لم يقع الحجاب. قيل : يا رسول الله وما الحجاب؟ قال : أن تموت النفس وهي مشركة» (٤). وحاجب الشمس : ما يبدو منها تشبيها بالجارحة أو بحاجب السّلطان لتقدمته عليها.
وقوله تعالى : (إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)(٥) أي عن النظر إليه ، وبه استدلّ على جواز النظر إليه في الآخرة لأهل الجنّة كما هو مذهب أهل السّنّة ، لأنّهم عوقبوا بما ينعم به السّعداء. ويعزى هذه الاستنباط للإمام مالك رحمهالله على ما مهّدناه في غير هذا. وقيل : هذا إشارة إلى منع السّور عنهم المشار إليه بقوله : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ). والحجاب : السّتر ، ومنه حجاب الجوف (٦).
ح ج ج :
قال تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)(٧) الحجّ والحجّ (٨) فتحا وكسرا
__________________
(١) ٤٥ / الإسراء : ١٧.
(٢) ٢٥ / الأنعام : ٦.
(٣) وفي ح : الغفوي. والبيت لبشار بن برد (انظر الديوان : ٤ / ١٨٤ ، والأغاني : ٣ / ٣١ ، والعمدة : ٢ / ١١٥) ، وما ذكر فوق وهم. وروايته فيها : أو تمطر الدّما ، وفي رواية : أو تقطر.
(٤) لحديث في النهاية : ١ / ٣٤٠ ، كأن النفس حجبت بالموت عن الإيمان.
(٥) ١٥ / المطففين : ٨٣.
(٦) حجاب الجوف : ما يحجب عن الفؤاد.
(٧) ٩ / آل عمران : ٣.
(٨) ساقطتان من ح.