كذا أنشد ابن برّي صدره (١) ، والمشهور أنّ صدره لأمرىء القيس وعجزه وهو :
كنار مجوس تستعر استعارا
للتّوأم (٢) ، في قصة جرت لهما أوضحناها في «شرح التسهيل الكبير» (٣).
ح د د :
الحدّ هو الحاجز المانع من اختلاط شيئين بآخر. وحددت الدار : جعلت لها حدّا يميّزها ويمنعها من اختلاطها بغيرها. والحدّ المعرّف للشيء هو الوصف المحيط بمعناه المميّز له عن غيره. ولذلك يقال فيه إنه مانع جامع ، أي يمنع غيره من الدخول فيه ويجمع جميع ما يدخل فيه ، وهو معنى قول المتكلمين : مطّرد منعكس. فالجامع هو المنعكس ، والمانع هو المطّرد. وسميت الحدود لأنها تحدّ أي تمنع ، وحدود الله : أوامره ونواهيه. ولذلك قال : (فَلا تَقْرَبُوها)(٤) جعلها كالمحسوسات من الأجرام ، والمراد : ولا تخالفوها فتتركوا أوامرها ، وتفعلوا مناهيها. والحدود المعاقب بها من ذلك لأنها تمنع من معاودة الذنب لمن فعله ، وتمنع غيره أن يفعل مثل فعله كالقصاص.
وسمّي البوّاب حدّادا (٥) لأنّه يمنع الداخل. قوله : (وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ
__________________
(١) في الكلام نقص واضطراب. وتمام النص أن امرأ القيس كان معنّا عرّيضا ينازع كل من قال إنه شاعر.
فنازع التوأم اليشكري وأخويه الحارث وأبا شريح ، فقال امرؤ القيس : يا حار أجز :
أحار ترى بريقا هبّ وهنا
فقال التوأم :
كنار مجوس تستعر استعارا
ولعل سقطا طرأ على النص في الأصل. انظر : ديوان امرىء القيس : ١٠٧ ـ ١٠٨ ، واللسان ـ مادة مجس ، وانظر فيهما التفصيل.
(٢) في الأصل : للنؤوم.
(٣) جاء في هامش ح : «الأفاعيل جمع أفعولة كأعجوبة. وأما أحاديث النبي فلا يجوز أن تكون هذا وإنما هي حديث لأن هذا الوزن للتحقير. إقليد» وهي من غير خط الناسخ.
(٤) ١٨٧ / البقرة : ٢.
(٥) في الأصل : وسمي الباب حدادا ، وهو وهم.