والأحاديث جمع أحدوثة تقديرا ، أو جمع حديث على غير قياس نحو أباطيل وأقاطيع وأبابيل.
والحديث يقابل القديم. ومنه ثمر حديث للطريّ وثمر قديم. ويقولون : أخذه ما حدث وما قدم ، بضم دال حدث لأجل دال قدم. فإذا أفردوا قالوا حدث بالفتح فقط. والمحدّث من يلقى في روعه شيء من جهة الملإ الأعلى ، ومنه الحديث : «إن يكون في هذه الأمّة محدّث فهو عمر» (١) ، ولذلك كان رضي الله عنه ينطق بأشياء فينزل القرآن على وفقها ، ورجل حدث وحديث السنّ أي صغير السنّ.
والحادثة : النازلة لطرائها ، وجمعها حوادث ، والحدثان بمعناها ؛ قال (٢) : [من الوافر]
رمى الحدثان نسوة آل سعد (٣) |
|
بأمر قد سمدن له سمودا |
فردّ شعورهنّ السّود بيضا |
|
وردّ وجوههنّ البيض سودا |
ورجل حدوث : حسن الحديث. ورجل حدث نساء أي محادثهنّ. وقوله : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)(٤) أي بلّغ نعمته وهي القرآن وما يوحى إليك من السّنّة ، أو ما أنعم به عليك إظهارا لنعمته وشكرانه. وهذا تعليم لنا ، قيل : ولذلك يستحبّ للعالم أن يظهر العبادة ليقتدي به غيره لا للرّياء. وقول الحسن : «حادثوا هذه القلوب بذكر الله» أي اجلوها «كما يحادث السيف بالصّقال» (٥). ومنه قول لبيد (٦) : [من الوافر]
كنصل السّيف حودث بالصّقال
__________________
(١) وروايته في النهاية : «قد كان في الأمم محدّثون فإن يكن في أمتي أحد فعمر بن الخطاب» وتفسيره : الملهمون. والملهم هو الذي يلقى في نفسه الشيء فيخبر به حدسا وفراسة. وهو نوع يختص به الله عزوجل من يشاء من عباده الذين اصطفى مثل عمر (١ / ٣٥٠).
(٢) البيتان من شواهد ابن منظور ـ مادة سمد.
(٣) ورواية اللسان : آل حرب. والعجز مضطرب النسخ في الأصل فصوبناه من اللسان. السمود : اللهو ، وسمّده : ألهاه.
(٤) ١١ / الضحى : ٩٣.
(٥) النهاية : ١ / ٣٥١.
(٦) في الأصل : كمثل ، والتصويب من الديوان : ٨٠. وعليه رواية اللسان ، مادة حدث. وصدره :
وأصبح يقتري الحومان فردا