وقوله عليه الصلاة والسّلام : «أنزل القرآن على سبعة أحرف» (١) فيه كلام طويل أتقنّاه وضبطناه ولله الحمد في مقدمة «التفسير الكبير» ، والأشهر عند اللغويين فيه أنّها لغات. قال أبو عبيد : يعني لغات من لغات العرب ، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه ، ولكن يقول : هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن ؛ فبعضها بلغة قريش ، وبعضها بلغة هوازن ، وبعضها بلغة هذيل ، وبعضها بلغة اليمن ، وبعضها بلغة تميم (٢). ويؤيده قول ابن مسعود : سمعت القراء فوجدتهم متقابلين ، فاقرؤوا كما علّمتم ، إنما هو كقول أحدكم : هلمّ وتعال وأقبل. وهذا قول أبي عبيد وثعلب. قلت : وهذا منسوخ إجماعا كما حقّقناه. وإنّما ذكرته هنا بخصوص لئلّا يغترّ به من يطّلع عليه ، فإنّه مشهور بين اللغويين.
والناقة يقال لها حرف ، فقيل : لعظمها تشبيها بحرف الجبل ، وقيل لدقّتها تشبيها بحرف الهجاء. قال كعب بن زهير في أحسن القصائد لكونها مدحة النبيّ صلىاللهعليهوسلم : [من البسيط]
حرف أبوها أخوها من مهجّنة |
|
وعمّها خالها قوداء شمليل (٣) |
وقال آخر ملغزا في ناقة وراكبها / : [من الطويل]
وحرف كنون تحت راء ولم يكن |
|
بدال يؤمّ الرسم غيّره النّقط |
شبّه الناقة بالنون لدقّتها وطولها. وراء : اسم فاعل من رأى [أي](٤) ضرب رئتها. ودال : اسم فاعل من دلا يدلو (٥). قال (٦) : [من الرجز]
لا تضرباها (٧) وادلواها دلوا
__________________
(١) النهاية : ١ / ٣٦٩. أراد بالحرف اللغة ؛ على سبع لغات.
(٢) كلام أبي عبيد ـ ومعه أبو العباس ـ مذكور في اللسان ـ مادة حرف ، وفي النهاية : ١ / ٣٦٩.
(٣) في الأصل خلاف ، والتصويب من اللسان ـ مادة حرف ، النهاية : ١ / ٣٦٩ ، الديوان : ١١ وقد شبه الناقة بالحرف لأنها ضامر. وفي الديوان : أخوها أبوها. قوداء : طويلة العنق. شمليل : خفيفة.
(٤) إضافة يقتضيها السياق. وفي الأصل رأى اضرب ، وهو خلط.
(٥) دلوت الناقة دلوا : سقتها سوقا رويدا رفيقا (اللسان ـ دلا).
(٦) صدر لشاهد في اللسان ، وعجزه (مادة ـ دلا) :
إنّ مع اليوم أخاه عدوا
(٧) وفي اللسان : لا تقلواها