النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ) الآية (١). سابعها : يعطى المؤمن ولا يحاسب عليه ، لأن المؤمن لا يأخذ من الدنيا إلا قدر ما يجب وكما يجب وفي وقت ما يجب ، ولا ينفق إلا كذلك ، ويحاسب نفسه فلا يحاسبه الله تعالى حسابا يضرّه. كما روي : «من حاسب نفسه في الدنيا لم يحاسبه الله يوم القيامة». ثامنها : يقابل [الله](٢) المؤمنين يوم القيامة لا بقدر استحقاقهم بل بأكثر منه كما أشار إليه بقوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً)(٣). وعلى هذه الأوجه يجيء قوله تعالى : (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ)(٤). ولا تعارض بين قوله : (يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) وبين قوله : (عَطاءً حِساباً)(٥). لأن معنى «حسابا» أي كافيا ، وليس معناه تضييقا ولا تقتيرا.
وقوله : (أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ)(٦) عبارة عن عدم الحجر في التصرّف وإطلاق العبارة في البسط. وقيل : معناه : تصرّف فيه تصرّف من لا يحاسب أي (٧) تناول كما يجب على ما يجب (٨). وقوله : (بِغَيْرِ حِسابٍ) يجوز تعلقه بقوله : (عَطاؤُنا) وتعلّقه بفعل الأمر ، والثاني أوضح.
والحسيب بمعنى المحاسب ، نحو الحبيط والجليس ، قال تعالى : (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)(٩). ثم يعبر به عن المكافىء بالحساب. وقوله : (كَفى بِاللهِ حَسِيباً)(١٠) أي محاسبا لهم لأنه لا يخفى عليه من أعمالهم شيء. وحسب : اسم بمعنى
__________________
(١) ٣٣ / الزخرف : ٤٣.
(٢) إضافة المحقق.
(٣) ٢٤٥ / البقرة : ٢.
(٤) ٤٠ / غافر : ٤٠.
(٥) ٣٦ / النبأ : ٧٨.
(٦) ٣٩ / ص : ٣٨.
(٧) في الأصل : أن ، ولعل الصواب ما ذكرنا.
(٨) في الأصل : ما لا يجب ، والتصويب من المفردات : ١١٧.
(٩) من الآية السابقة.
(١٠) ١٤ / الإسراء : ١٧.