العلم إلى (١) معرفة الحسب لأنه مما يعتبر به مهر مثل المرأة (٢). فقال شمر : الحسب الفعال (٣) والحسب للرجل ولآبائه مأخوذ من الحساب إذا حسبوا مناقبهم ، وذلك أنّهم إذا تفاخروا عدّ كلّ واحد منهم مناقبه ومآثر آبائه وحسبها ؛ فالحسب : العدّ ، الحسب : المعدود نحو : النّقص والمنقوص والعدّ والمعدود (٤). وللحسب معنى آخر وهو : عدّد ذوي قرابته ، سمي حسبا لكثرة عدده. قال : ويبين ذلك الحديث : «لمّا قدم وفد هوازن يتكلمون في سبيهم قال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اختاروا إحدى الطائفتين : إمّا المال وإمّا السّبي. فقالوا : أمّا إذا خيّرتنا بين المال والحسب فإنّا نختار الحسب ، فاختاروا أبناءهم ونساءهم» (٥).
والحسبانة : الوسادة الصغيرة ؛ حسّبت الرجل : أجلسته عليها ، وحسّبوا ضيفهم : أكرموه ، من ذلك. والحسب : الخلق ومنه الحديث : «كرم الرجل دينه وحسبه خلقه» (٦) أي أن خلقه بمنزلة حسبه من قرابته ؛ فإن كان حسنا زانه وإن كان سيئا شانه.
والمشهور أنّ حسب يرادف الظنّ في أحد وجهيها وهو الغالب. وقد أبدى الراغب بينهما فرقا فقال : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ)(٧) مصدره الحسبان ، وهو أن يحكم لأحد النقيضين من غير أن يخطر الآخر بباله فيحسبه ويعقد عليه الأصبع ويكون بعرض أن يعتريه شكّ. ويقاربه الظنّ لكنّ الظنّ أن يخطر النقيضين (٨) فيغلب أحدهما على الآخر.
وقوله تعالى : (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)(٩) قيل : هو افتعال من حسب بمعنى ظنّ ، والمعنى من حيث لا يقدره ولا يظنّه. وقيل : بل هو من حسب بمعنى العدّ ،
__________________
(١) ساقطة من ح.
(٢) والرأي نسبه ابن منظور إلى الأزهري.
(٣) وفي ح : الفعل.
(٤) وفي الأصل : النقص والنقص ، والعد والعد ، والتصويب من اللسان (مادة حسب).
(٥) النهاية : ١ / ٣٨٢ ، وفيه شرح للحديث.
(٦) النهاية : ١ / ٣٨١ ، وفيه «حسب المرء خلقه وكرمه دينه» ، وما ذكرناه رواية الهروي وابن منظور.
(٧) وفي المفردات (ص ١١٨) : بباله.
(٨) ٢١٤ / البقرة : ٢.
(٩) ٣ / الطلاق : ٦٥.