والمعنى : من حيث لم يكن في حسبانه.
وقوله تعالى : (حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ)(١) أي كافيك. يقال : أحسبني كذا : كفاني. وأحسبته : أعطيته عطاء حتّى قال : حسبي ، ومنه (حِساباً)(٢). وفي قوله : (وَمَنِ اتَّبَعَكَ) أوجه (٣) ؛ أحدها : أنّه عطف على الضمير المجرور أي وحسب من اتّبعك ، والبصريّ يمنع هذا. والثاني : أن تقديره : وفيمن اتّبعك كفاية إذا نصرهم الله ؛ قال هذين الوجهين الهرويّ وغيره. والثالث : أنه عطف على الجلالة المعظمة ، وكان من قال بالوجهين الأولين فسّر من هذا ، لأنه قال : لا يلزم أن يكون المؤمنون كافين لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وليس الأمر كذلك. وجواب هذا أنّ الله هو الذي جعل المؤمنين يكفونه أمر عدوّه ؛ فلا محذور في كونهم كافين ويكون في المعنى لقوله : (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ)(٤) ، وقد أتقنّا ذلك في «الدّر» وغيره. وقوله : (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)(٥) أي كفى بنفسك لنفسك محاسبا.
ح س د :
قال تعالى : (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ)(٦) قال ابن عرفة : الحسد أن يتمنّى زوال نعمة أخيه وكونها له دونه ، والغبط : أن يتمنّى مثلها له من غير زوالها عنه. وقيل : الحسد تمنّي زوال النعمة ، وربّما يكون مع ذلك سعي في إزالتها. وقال ابن الأعرابيّ : الحسد مأخوذ من الحسد (٧) وهو القراد ، والمعنى أنه يقشر القلب كما تقشر القراد الجلد وتمتصّ الدم.
والحسد مذموم والغبط محمود ، وكذلك جاء في الحديث : «المنافق يحسد والمؤمن
__________________
(١) ٦٤ / الأنفال : ٨.
(٢) من قوله تعالى (السابق) : عَطاءً حِساباً (٣٦ / النبأ : ٧٨).
(٣) كذا في س ، وفي ح : وجه.
(٤) ٦٢ / الأنفال : ٨.
(٥) ١٤ / الإسراء : ١٧.
(٦) ٥ / الفلق : ١١٣.
(٧) وفي اللسان : الحسدل.