(مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى)(١) ، ولو كان في غير القرآن لجاز الحسن كقوله : (لَإِحْدَى الْكُبَرِ)(٢) ، ومعنى الآية ، أنّ المشركين كانوا يسمّون آلهتهم بما يقرب من أسمائه تعالى فيقولون : اللات والعزّى مقاربة لله والعزيز ، وهذا إلحاد في أسمائه. ونزل : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ)(٣).
قوله : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً)(٤) أي يحسن بهما حسنا. وقوله : (لِلنَّاسِ حُسْناً)(٥) أي ما فيه الحسن ، وقرىء حسنا أي كلاما أو قولا حسنا فاكتفي بالنّعت. ويجوز أن تكون القراءة كذلك لكن على حذف مضاف أي : قولا ذا حسن ، أو جعل القول معنى الحسن مبالغة (٦).
وقوله : (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ)(٧) باستقامة وسلوك طريق درج عليها سلفهم الصالح. قوله : (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(٨) أي ممّن يحسن إلى خلق الله ، روي أنه كان ينصر المظلوم ويعود المريض ويصبّر المصاب. وقيل : «من المحسنين» لتعبير الرؤيا.
قوله : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ)(٩) يقال باعتبارين ؛ أحدهما : الإنعام على غيرك ، تقول : أحسنت إلى فلان. والثاني : باعتبار إحسانه في فعل شيء وإتقانه نحو : علمت علما حسنا ، وعملت عملا حسنا فقد أحسنت في ذلك. فالآية تحتمل الأمرين أي ما جزاء من أنعم على خلقي إلا أن أنعم عليه في دار كرامتي بما ذكرت قبل ذلك وبعده ، أو ما جزاء من أحسن في عبادتي وطاعتي فأدّاها على علم منه وحسن عمل إلا أن أحسن إليه في
__________________
(١) ٢٣ / طه : ٢٠.
(٢) ٣٥ / المدثر : ٧٤.
(٣) ١١٠ / الإسراء : ١٧.
(٤) ٨ / العنكبوت : ٢٩.
(٥) ٨٣ / البقرة : ٢.
(٦) وأما من قرأ «حسنى» فزعم الفارسي أنه اسم مصدر. وزعم الأخفش أن هذه القراءة خطأ لا يجوز أن يقرأ به (اللسان ـ مادة حسن).
(٧) ١٠٠ / التوبة : ٩.
(٨) ٣٦ / يوسف : ١٢.
(٩) ٦٠ / الرحمن : ٥٥.