بِأَحْسَنِها)(١) يجوز أن يريد ما أمرنا به من أن يترك الإنسان ما وجب له تكرّما كمن وجب له القصاص فعفا ، وكمن جنى عليه لئيم وقدر أن ينفذ غيظه فكظمه ، وأن يريد بأحسنها ، وكذا (يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)(٢) ، وقيل : معناه الأبعد عن الشّبه. ومنه : «فمن اتّقى الشّبهات فقد استبرأ لدينه» (٣).
وقوله : (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)(٤) أي لا أحد أيقن حكما ، فإن قيل : حكمه تعالى حسن للموقن وغيره فلم خصّ / الموقنين؟ قيل : القصد بذلك إلى ظهور حسنه والاطلاع عليه ، وذلك إنّما يظهر لمن أيقن بالله وزكّى نفسه دون الجهل (٥) بالله وخفائه. (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ)(٦)(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)(٧).
قوله : (هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ)(٨) يعني الظفر بكم ، أو الشهادة إن قتلنا ، وأنّث لأنه أراد الخصلتين (٩). وقوله : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ)(١٠) ؛ قيل : الحسنات جميع أفعال الخير. وقيل : هي هنا الصلوات الخمس تكفّر ما بينها ، وهو حسن لموافقة الحديث في ذلك. وقوله : (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ)(١١) أي يدفعون ما يرد عليهم من الكلام السيء بالكلام الحسن نحو : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً)(١٢). قوله : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)(١٣) تأنيث الأحسن ؛ فهي مفردة كقوله :
__________________
(١) ١٤٥ / الأعراف : ٧.
(٢) ١٨ / الزمر : ٣٩.
(٣) صحيح البخاري ، الإيمان : ٣٩.
(٤) ٥٠ / المائدة : ٥.
(٥) في الأصل : الجهلة ، ولعلها كما ذكرنا.
(٦) ٤٣ / العنكبوت : ٢٩.
(٧) ٥٥ / الذاريات : ٥١.
(٨) ٥٢ / التوبة : ٩.
(٩) وهذا رأي ثعلب (اللسان ـ مادة حسن).
(١٠) ١١٤ / هود : ١١.
(١١) ٢٢ / الرعد : ١٣.
(١٢) ٦٣ / الفرقان : ٢٥.
(١٣) ١٨٠ / الأعراف : ٧ ، و «الحسنى» هنا اسم تفضيل ، في حين أنها في آخر الصفحة السابقة مؤنثة للحسن.