الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً)(١) هي النعمة ، سميت بذلك لأنّها تبهج صاحبها ويرغب فيها ، والسيئة تضادّها ، وهما من أسماء الأجناس المشتملة على أنواع ، فيفسّران في كلّ موضع بما يليق به. فقوله : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ)(٢) أي حسب (٣) وظفر على عدوّ ، وسعة في المال ، (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ)(٤). وقد بينّا مجيء إن مع الحسنة ومجيء إن مع السيئة في غير هذا الموضوع. ومثله : (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ)(٥)(وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ)(٦)(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ)(٧). وقوله : (وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً)(٨) أي لسان صدق. وقوله : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ)(٩) أي من ثواب وزيادة زلفى.
وقد فرّقوا بين الحسنة والحسن والحسنى ؛ فالحسن يقال في الأعيان والأحداث ، وكذا الحسنة وصفا ، فلو صارت اسما فالمتعارف أنّها في الأحداث. والحسنى لا يقال إلا في الأحداث دون الأعيان. والحسن أكثر ما يقال في تعارف العامة في المستحسن بالبصر ؛ يقال : رجل حسن وحسّان ، وامرأة حسنة وحسّانة. وأكثر ما ورد الحسنى في القرآن للمستحسن بالبصيرة.
قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى)(١٠) أي أحسنوا عبادة ربّهم بأن أتوا بها على نحو ما أمروا. والحسنى تأنيث الحسن وهي الجنة ولا شيء أحسن منها إلا «الزيادة» (١١) المذكورة بعدها ؛ وفي التفسير : النظر إلى وجهه الكريم كما ثبت وصحّ. قوله : (يَأْخُذُوا
__________________
(١) ٢٠١ / البقرة : ٢.
(٢) ٧٨ / النساء : ٤.
(٣) وفي المفردات (ص ١١٨) : خصب ، ولعلها أصوب.
(٤) أي جدب وضيق وخيبة.
(٥) ٥٠ / التوبة : ٩.
(٦) ١٢٠ / آل عمران : ٣.
(٧) ١٢٠ / آل عمران : ٣.
(٨) ١٢٢ / النحل : ١٦.
(٩) ٧٩ / النساء : ٤.
(١٠) ٢٦ / يونس : ١٠.
(١١) يعني قوله تعالى : (... الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) وهذه الزيادة هي النظر إلى وجه الله تعالى.