تقول : قام القوم حاشا زيد ، وعدا زيد ؛ بجرّ زيد ونصبه مع الثلاثة : إلا أنّ الأغلب حرفية حاشا وفعلية أخواتها. وقد ينصب بحاشا (١) على أنها فعل كقولهم : «غفر الله لي ولمن سمع دعائي حاشا الشيطان وابن الأصبغ» بنصب الشيطان وما عطف عليه. وأنشدوا (٢) : [من الوافر]
حشا رهط النبيّ فإنّ منهم |
|
بحورا لا تكدّرها الدلاء |
بنصب رهط. وقد تجر بعد [ها](٣) كقوله : [من الوافر]
أتجتاحهم قتلا وأسرا |
|
عدا الشمطاء والطفل الصغير |
والتزم سيبويه حرفية حاشا وفعليّة عدا (٤) ، والسماع يردّ عليه. وليس للردّ دليل على فعليتها. يقول النابغة (٥) : [من البسيط]
ولا أحاشي من الأقوام من أحد
لما بينّاه في موضع آخر. وتدخل «ما» على : عدا وخلا فتلتزم فعليّتها خلافا للجرميّ (٦). ولا تتصل بحاشا إلا في قليل ، وأصلها من الحشى وهو الناحية. فمعنى : قاموا حاشا زيدا أي جعلته في ناحية غير ناحيتهم ، / وتنوّن على أنها مصدر. ويقال فيها حاش بحذف الألف الأخيرة (٧) ، وحشى بحذف الوسطى ، وقد قرىء بذلك كلّه ، وحقّقنا الكلام في هذا الحرف في غير هذا الموضع. وأما عبارات أهل العلم في هذه الآية فقال المفسرون : معناه معاذا لله. وقال أبو بكر : أعزل فلانا من وصف القوم بالحشى ، أي
__________________
(١) وهو رأي المبرد ، والقول منسوب إلى رواية أبي عمرو الشيباني عن بعض العرب كما في شرح المفصل : ٨ / ٤٧.
(٢) أنشده الفراء كما في اللسان ، وفي الأصل : حاشا ، ولا يستقيم بها (مادة ـ حاشا).
(٣) إضافة المحقق.
(٤) انظر الكتاب : ٢ / ٣٠٩ و ٣٤٩. في حين أن الفراء يؤكد فعليتها ، وفيها ضمير يدل على الفاعلية.
(٥) من معلقة النابغة ، وصدره (الديوان : ١٣) :
ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه
(٦) الجرمي هو صالح بن إسحاق ، الجرمي بالولاء. فقيه وعالم في اللغة والنحو من أهل البصرة وسكن بغداد. له «كتاب الأبنية» و «غريب سيبويه» ... توفي سنة ٢٢٥ ه.
(٧) وبها يستشهدون على فعليتها (شرح المفصل : ٨ / ٤٨) وهي قراءة الحماعة (حاش لله).