يعشرن ولا يحشرن» (١) فيه قولان : أحدهما : لا يخرجن إلى الغزو ، واختاره الهروي (٢). والثاني : لا يحشرن إلى المصدّق بل يأتي إليهنّ فيأخذ صدقاتهنّ ، وهو ضعيف ، لأنهنّ والرجال في ذلك سواء. ولا يقال الحشر إلا في الجماعة كقوله : (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ)(٣) ، ولا يقال : حشرت زيدا ، قاله الراغب وليس بشيء (٤) لقوله : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قالَ : رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي)(٥).
وسمي يوم القيامة يوم الحشر كما سمي يوم البعث ويوم النّشر والحشر ، يقال في الأناسيّ وغيرهم كقوله تعالى : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ)(٦)(وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ). وقالوا : حشرت السنة مال بني فلان ، أي أزالته عنهم. والحشر : الجلاء والإخراج ، ومنه قوله تعالى : (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ)(٧). قال القتيبيّ : هو الجلاء لأنّ بني النّضير هم أول من أخرج عن ديارهم وأجلوا عنها. وقال الأزهريّ : هو أول حشر إلى الشام ، ثمّ يحشر الناس إليها يوم القيامة. وفي الحديث : «انقطعت الهجرة إلا من ثلاث : جهاد أو نيّة أو حشر» (٨) أي لا هجرة إلا أن يجاهد ، أو ينوي تغيير منكر إن لم يقدر على إزالته بيده ، أو جلاء عن تلك الديار القائم بها المنكر. ورجل حشر الأذنين أي في أذنيه انتشار وحدّة.
ح ش ي (٩) :
وقوله تعالى : (وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ)(١٠) حاشا : حرف استثناء ، ومثله خلا وعدا ؛
__________________
(١) وفي ح : لا يعشرون ولا يحشرون ، وهو وهم. والحديث في النهاية : ١ / ٣٨٩.
(٢) وهو مذكور في النهاية.
(٣) ١٧ / النمل : ٢٧.
(٤) لم يرد ذكر هذا القول عند الراغب في مادة «حشر».
(٥) الآيتين ١٢٤ و ١٢٥ / طه : ٢٠.
(٦) ٥ / التكوير : ٨١.
(٧) ٢ / الحشر : ٥٩ ، نزلت في بني النضير.
(٨) النهاية : ١ / ٣٨٨.
(٩) ترد «حاشا» في كتب اللغة في مادة «حوش» انظر اللسان ، المفردات ... ويقول ابن الأثير : وذكره ابن الأثير في الياء ، وإنما هو من الواو.
(١٠) ٣١ / يوسف : ١٢.