شعر حول رأسه دون أعلاه. وفي الحديث : «لم يشبع من طعام إلا على حفف» (١) أي ضيق وفقر. وفي رواية أخرى «خفف» ؛ فالحفف أن يكون أكثر منه ، فالخفف أشدّ.
ح ف ي :
قوله تعالى : (كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها)(٢) من قولهم : فلان حفيّ بخبر فلان ، أي معنيّ بالسؤال عنه. وعن مجاهد : كأنّك استحفيت بالسؤال عنها حتى علمتها ، أي أكثرت المسألة عنها. يقال : أحفى في سؤاله وألحف وألحّ ، كلّه بمعنى. قال تعالى : (إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا)(٣) أي يبالغ في مسألتكم. ولمّا اعتبر معنى المبالغة قيل : فلان حفيّ بفلان ، أي مبالغ في برّه. قال تعالى : (إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا)(٤) أي مبالغا في إيصال الخير إلى. وفي الحديث : «أنّ عجوزا دخلت على عائشة فسألها (٥) ، فأحفى» أي بالغ في برّها. وعلى هذا فما حكي أنّ كيسان سأل ثعلبا عن قوله : (إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا)(٦) فقال : بارا وصولا ـ فقال : قوله : «كأنّك حفيّ عنها» فقال : معنى هذا غير معنى ذلك. والعرب تقول : فلان حفيّ بخبر فلان ، أي معنيّ بالسؤال عنه ـ يبعد صحته عنهما لظهور ذلك كما تقدّم من أمر المبالغة ، ذاك مبالغة في البرّ ، وهذا مبالغة في السؤال.
وقيل : الإحفاء في السؤال : التبرّح في الإلحاح في المطالبة ، أي في البحث عن تعرّف الحال. وعلى الوجه الأول يقال : حفيت السؤال ، وأحفيت فلانا في السؤال ، ومنه (فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا)(٧). وأصل ذلك من أحفيت الدابّة ، أي جعلتها حافية ، أي منسجحة الحافر ، والبعير : جعلته منسجح الفرسن (٨) من المشي حتى يرقّ. وقد حفي حفا وحفوة ،
__________________
(١) النهاية : ١ / ٤٠٨.
(٢) ١٨٧ / الأعراف : ٧.
(٣) ٣٧ / محمد : ٤٧.
(٤) ٤٧ / مريم : ١٩.
(٥) كذا في النهاية (١ / ٤٠٩) ، وفي الأصل : فسأل بها.
(٦) انظر مجالي ثعلب : ٣٥٠.
(٧) ٣٧ / محمد : ٤٧.
(٨) فرسن البعير : بمنزلة الحافر للبعير ، وفيه السّلامى. والمنسجح : اللين.