سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ)(١). وقال الشافعيّ في قوله عليه الصلاة والسّلام : «ما حقّ امرىء مسلم أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» (٢) أي ما الأحزم (٣). وفي الحديث : «جاء رجلان يحتقّان» (٤) أي يختصمان. وفي حديث عليّ : «إذا بلغ النساء نصّ الحقاق فالعصبة أولى» (٥) قيل : ما دامت الجارية صغيرة فأمّها أولى بها ، فإذا بلغت فالعصبة أولى بتحصينها وتزويجها. ونصّ الشيء : غايته ، أي غاية البلوغ. والحقاق : المخاصمة ؛ وهو أن يقول كلّ [واحد من الخصمين](٦) : أنا أحقّ به منك. وروي «نصّ الحقائق» جمع حقيقة ، والحقيقة فعيلة ، من الحقّ بمعنى فاعل ، والتاء فيها قياس ، قال الليث : الحقيقة ما يصير إليه. حقّ الأمر وحقّقه. «هو حامي الحقيقة» (٧) إذا حمى ما يجب عليه أن يحميه ، قال : [من الطويل]
أنا الفارس الحامي حقيقة والدي |
|
وآلي فما تحمي حقيقة آلكا |
وقال الراغب : الحقيقة تستعمل تارة في الشيء الذي له ثبوت ووجود ، كقوله عليه الصلاة والسّلام لحارثة : «يا حارثة إنّ لكلّ حقّ حقيقة ، فما حقيقة إيمانك» (٨) أي ما الذي ينشأ عن كون ما تدّعيه حقا؟ قال : وتارة تستعمل في الإعتقاد ، كما تقدّم ، وتارة في العمل وفي القول ؛ فيقال : فلان لفعله حقيقة ، إذا لم يكن مرائيا فيه ، ولقوله حقيقة ، إذا لم يكن موجبا ومتزيّدا. وتستعمل في ضدّه المتجوّز والمتوسّع والمتفسّح. وقيل : الدنيا باطل والأخرة حقيقة ، تنبيها على زوال هذه وبقاء تلك. وأمّا في عرف الفقهاء والمتكلّمين فهي اللفظ المستعمل فيما يوضع له في أصل اللغة.
والحقّ من الإبل : ما استحقّ أن يحمل عليه ، والأنثى حقّة والجمع حقاق (٩)
__________________
(١) هي قراءة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأبيّ (مختصر الشواذ : ١٤٤).
(٢) النهاية : ١ / ٤١٤.
(٣) في الأصل : ما الحزم ، ولعل التفضيل أصوب.
(٤) في الأصل : يستحقان ، والتصويب من النهاية : ١ / ٤١٤.
(٥) النهاية : ١ / ٤١٤.
(٦) ساقط من الأصل ، والإضافة من النهاية : ١ / ٤١٤.
(٧) النهاية : ١ / ٤١٥.
(٨) المفردات : ١٢٦. وأخرجه ابن عساكر عن أنس ، كما أخرجه عنه العسكري في الأمثال وابن النجار وغيرهم كثير. (حياة الصحابة للكاندهولي : ٣ / ٢٥ ـ ٢٦.
(٩) إلى هنا ينتهي كلام الراغب ، ص ١٢٦.