أ ب ل :
قال تعالى : (طَيْراً أَبابِيلَ)(١) هذا من صيغ التكسير التي لم يسمع مفردها (٢) ، ومثله عباديد ، وشماطيط ، وأساطير. وقيل : بل لها واحد من لفظتها ، وكأنه قياس لا سماع. فقيل : إبّيل ، وقيل : إبّول (٣) مثل : عجّول وعجاجيل. وقيل : إبّالة (٤). وظاهر كلام العزيريّ (٥) أنّ هذه المسألة مسموعة ؛ فإنّه بعد ذكره إياها (٦) ، قال : ويقال هذه أجمع لا واحد لها ، والمختار قول غيره ، ولذلك ينسب إليها فيقال : عباد يديّ وأبابيليّ.
وحكى الرّؤاسيّ ، وكان ثقة ، أنه سمع إبّالة مثقّلا (٧). وحكى الفرّاء : إبالة مخفّفا قال : وسمعت بعض العرب يقول (٨) : «ضغث على إبّالة» أي حطب (٩) على حطب ، وهو مشكل من حيث ظهور الياءين في الجمع ، ولو كان مخفّفا لم ترد في الجمع ياءين. قال (١٠) ولو قال إيبالة كان صوابا مثل دينار ودنانير. قلت : دينار أصله دنّار ، ولذلك قيل : دنانير. وإنما أبدل أحد المثلين حرف علة تخفيفا (١١). يقول : فكذلك هذا ، ومثله : قيراط وقراريط وديوان ودواوين. ومعنى (طَيْراً أَبابِيلَ) أي جماعات في تفرقة حلقة حلقة.
قال الراغب : متفرقة كقطعان إبل ، واحدها إبيل. فرجع بها إلى لفظ الإبل. وقريب
__________________
(١) ٣ / الفيل : ١٠٥.
(٢) قول أبي عبيدة ، كما في مجاز القرآن : ٢ / ٣١٢.
(٣) كذا مذهب الأخفش الأوسط والفراء والهروي في (معاني القرآن للأخفش : ٢٧٢ ، ومعاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٩٢ ، والغريبين : ١١). وفي الأصل : إبّولة.
(٤) قول الرؤاسي ، كما في معاني الفراء : ٣ / ٢٩٢.
(٥) هو محمد بن عزير العزيري السجستاني ، المنسوب إلى أبيه ، مصنف كتاب «غريب القرآن». ومن قاله بزايين فقد أخطأ (اللباب في تهذيب الأسماء : ٢ / ٣٣٨).
(٦) وفي س : إياه.
(٧) في س : مثقلة ، وقول الرؤاسي مذكور في معاني الفراء : ٣ / ٢٩٢ مع تفصيل.
(٨) الكلمة ساقطة من س.
(٩) الكلمة ساقطة من س. وهو مثل يضرب لمن حملك مكروها ثم زاد عليه (مجمع الأمثال : ٢ / ٢٨٣) الضغث : قبضة من حشيش مختلطة الرطب باليابس. الإبالة : الحزمة من الحطب. وقد علق الفراء على هذا المثل (ولعله وهم من الناسخ) فقال : يريدون حطبا على حطب.
(١٠) الكلمة ساقطة من س.
(١١) وفي س : مخففا.