لقوله : (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ)(١) وقوله : (فَالْحامِلاتِ وِقْراً)(٢) هي السّحاب لحملها ماء المطر. وقال الراغب : الحمل معنى واحد واعتبر في أشياء كثيرة فسوّي بين لفظه في الفعل ، وفرّق بين كثير من مصادرها ؛ يقال في الأثقال المحمولة في الظاهر كالشيء المحمول على الظهر : حمل ، وفي الأثقال المحمولة في البطنّ حمل كالولد في البطن والماء في السحاب والثمر في الشجر تشبيها بحمل المرأة. يقال : حملت الثّقل والرسالة والوزر حملا ، ومنه : (وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً)(٣) بدليل قوله : (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ)(٤) وقوله : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ)(٥) أي كلّفوا حملها ، أي القيام بحقّها فلم يحملوها. ويقال : حمّلته كذا فتحمّله ، وحملته على كذا فتحمّله واحتمله وحمله.
قوله : (فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ)(٦) أي البلاغ ، (وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ)(٧) من الإيمان به وبما جاء به. وقوله : (حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً)(٨) إشارة إلى الحبل ، والأصل في ذلك الحمل على الظهر ، فاستعير للحبل / بدليل قولهم : وسقت الناقة إذا حملت. وأصل الوسق الحمل المحمول على ظهر البعير. وقوله : (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً)(٩) ؛ فالحمولة ما استحقّ أن تحمل عليه الأحمال ، صغار الإبل. فالحمولة لما يحمل عليه كالرّكوبة لما يركب عليه.
وقوله : (إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ)(١٠) أي يطرده كما يطرد المقاتل مقاتله. والحمولة بضمّتين ـ لما يحمل. والحمل ـ بفتحتين ـ يعني المحمول ، كالقبض بمعنى المقبوض ،
__________________
(١) ١٨ / فاطر : ٣٥.
(٢) ٢ / الذاريات : ٥١.
(٣) ١٠١ / طه : ٢٠.
(٤) ٣١ / الأنعام : ٦.
(٥) ٥ / الجمعة : ٦٢.
(٦) ٥٤ / النور : ٢٤.
(٧) تابع الآية السابقة.
(٨) ١٨٩ / الأعراف : ٧.
(٩) ١٤٢ / الأنعام : ٦.
(١٠) ١٧٦ / الأعراف : ٧.