قيل لمتمايل الرّجل : أحنف تفاؤلا بالاستقامة. قال الأزهريّ : معنى الحنيفة في الإسلام : الميل إليه والثّبات على عقيدة.
والحنف : إقبال إحدى القدمين على الأخرى ؛ فالحنيف : الصّحيح الميل إلى الإسلام ، الثابت عليه. وقال أبو عبيد : الحنيف عند العرب من كان على دين إبراهيم.
وقال الراغب (١) : الحنف : الميل عن الضّلال إلى الاستقامة ، وعن الاستقامة إلى الضّلال. والحنيف : المائل إلى ذلك. قال تعالى : (أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً)(٢) ، وجمعه حنفاء. وتحنّف فلان : تحرّى طريقة الاستقامة. وكلّ من اختتن أو حجّ سمّته العرب حنيفا تنبيها أنه على ملّة إبراهيم. فالحنف عنده مجرّد الميل ، إلا أنه غلب في الميل إلى الإسلام وإلى طريق الخير ، وإلا فسد ما قاله.
ح ن ك :
قوله تعالى : (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ)(٣) عبارة عن تمكّنه منهم بالوسوسة تمكّن قائد الدابّة الواضع اللجام في حنكها لتطيعه حيث يقودها. يقال : حنكت الدابّة باللجام والرّسن ، نحو لألجمنّه ، ولأرسننّه ، أي لأضعنّ في حنكه اللجام والرّسن. وقيل : هو من قولهم : احتنك الجراد الأرض : إذا استولى عليها بحنكه فاستأصلها أكلا. فالمعنى : لأستولينّ عليهم استيلاء الجراد على الأرض.
وحنّكه الدّهر : ابتلاه ببلايا جرّب فيها غيره ، كأنّه أخذه بحنكه ... (٤) ، كلّه بمعنى : هو ذو تجارب ، ومجازه ما تقدّم.
وقال الأزهريّ : احتنك البعير الصّليّانة (٥) أي اقتلعها من أصلها. وحنّكت الصبيّ
__________________
(١) المفردات : ١٣٣.
(٢) ١٢٠ / النحل : ١٦.
(٣) ٦٢ / الإسراء : ١٧.
(٤) استعارة ، ومثل ذلك عند العرب كثير مثل : فرع سنّه ، نجره ... وكلها في التجربة ولعل البياض المذكور في الأصل هو ما عناه المؤلف ولم يسجله الناسخ!
(٥) نبت ، والعرب نسمية خبزة الإبل (اللسان ـ صلا).