الفرزدق (١) : [من البسيط]
يا ظمي ويحك إني ذو محافظة |
|
أنمي إلى معشر شمّ الخراطيم |
أي مرتفعي الآناف ، يشير إلى عزمهم. والعرب تقول : بأنفه شمم أي تكبّر ، ولا يفعل ذلك إلا من له عزّ ومنعة. فلما كان هذا العضو يستعمل في معنى التعزّز والتعظّم كما وصفنا ، جعل الله سمة ذلّ هذا الشخص على محلّ العزّ من غيره. والسّمة : العلامة ، والمعنى : متسلزمة عارا لا ينمحي عنه أبدا ، نحو : جدعت (٢) أنفه ؛ فإنّه أشهر له ، إذ لا يمكن إخفاؤه عادة.
خ ر ق :
قوله تعالى : (وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ)(٣) أي اخترقوا في ذلك وكذبوا. وأصل الخرق قطع الشيء على سبيل الفساد من غير تدبّر ولا تفكّر ، وهو عكس الخلق. ويعبّر بذلك عن الحمق وقلة الحلم وعدم القناعة. يقال : رجل أخرق ، وامرأة خرقاء وهي ضدّ صناع. قال ذو الرمّة (٤) : [من الوافر]
تمام الحجّ أن تقف المطايا |
|
على الخرقاء واضعة اللّثام |
وذلك أنّه لما رأى ميّة أراد أن يتعلّل بشيء ليكلمها فخرق دلوه ثم جاءها فقال : [املئي](٥) لي دلوي. فقالت : أنا خرقاء لا صناع. فولّى وعلى كتفه دلوه وقطعة حبل. فقالت : يا ذا الرّمّة. والرّمّة : قطعة الحبل ، فسمي بذلك ، وأنشد قصيدته التي فيها هذا البيت. وبها شبّهت الريح فقيل : ريح خرقاء.
والخرق : الحمق. وفي الحديث : «ما كان الخرق في شيء إلا شانه وما كان الرفق
__________________
(١) البيت مطلع يهجو به الفرزدق مرة بن محكان ، والبيت مضطرب الصدر في الأصل ، والتصويب من الديوان : ٧٤٥.
(٢) وفي الأصل : جزعت ، ولعل السياق يؤيد ما ذكرنا.
(٣) ١٠٠ / الأنعام : ٦.
(٤) البيت غير مذكور في الديوان بطبعتيه ، ومذكور في الأغاني : ١٨ / ٤٠ ، في خبر طويل.
(٥) إضافة المحقق.