الأسفل كالماء والتراب ، وتستعار الخفة والثقل لفصاحة النطق وعيّه ، ويوصف بهما اللسان فيقال : كلامه خفيف أو ثقيل ، ولسانه خفيف أو ثقيل. والخفة هنا مدح والثقل ذمّ ؛ يقال : خفّ يخفّ خفّا وخفّة ، وخفّفته تخفيفا ، وتخفّف تخفّفا ، واستخفّه كأنه سأله الخفّة. ومنه قوله تعالى : (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ)(١) أي سألهم الخفّة وحملهم عليها فخفّوا ، أو فاستخفّهم ولم يعبأ بشأنهم فيما أمرهم ، لذلك لم يألوا عن طواعيته مع ادعائه لأعظم الأشياء.
وقوله : (وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ)(٢) أي ولا يحملنّك على الخفّة بأن يزيلوك عن اعتقادك بما يقولون إليك من الشّبه والنهي وإن كان للذين لا يوقنون. فالمعنى النهي له عن تعاطي أسبابه ، وهو تعليم لأمّته (صلّى الله تعالى عليه وسلم) (٣) في الحقيقة. واستخفّه وأخفّه الطرب بمعنى حمله الطرب على الخفة. قوله : (تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ)(٤) أي يخفّ عليكم حملها. والمعنى تقصدون بذلك خفّها. وقولهم : خفّوا أي ارتحلوا عن منازلهم بخفّة. وعليه قول الشاعر : [من مجزوء الرمل]
علّموني كيف أبكي |
|
هم إذا خفّ القطين |
والخفّ : الملبوس ، سمي بذلك لخفّته لكونه من جلد وبه شبّه خفّ البعير وخفّ النعامة ونحو ذلك. وهو في البهائم يقابل الخفّ (٥). يقال : ذات الخفّ والحافر. وفي الحديث : «إلا في خفّ أو نصل أو حافر» (٦).
خ ف ي :
قوله تعالى : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ)(٧). الإخفاء : السّتر
__________________
(١) ٥٤ / الزخرف : ٤٣.
(٢) ٦٠ / الروم : ٣٠.
(٣) ساقط من ح.
(٤) ٨٠ / النمل : ١٦.
(٥) كذا في س ، وفي ح : الحافر ، وفيه إضافة (يقال الحافر) لم نجد لها ضرورة فأسقطناها.
(٦) النهاية : ٢ / ٥٥ ، وأوّله هناك : «لا سبق إلّا ...».
(٧) ١٧ / السجدة : ٣٢.