وقوله : (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(١) ، كقوله : (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)(٢) ، وقوله : (خافِضَةٌ رافِعَةٌ)(٣) أي تخفض قوما إلى النار وترفع آخرين إلى الجنة ، وهذا حال يوم القيامة. وكأنه أشار إلى قوله : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ)(٤) عند بعضهم وليس ذلك. والخفض أيضا الختان. والخاتن : خافض. وفي الحديث : «إذا خفضت فأشمّي» (٥) أي بقّي بقية لطيفة.
خ ف ف :
قوله تعالى : (حَمْلاً خَفِيفاً)(٦). الخفيف بإزائه الثقيل. وقد تقدّمت أقسام الثقيل والخفيف ؛ يقال تارة باعتبار التّضايف فيقال : درهم خفيف وآخر ثقيل ، وتارة باعتبار تضايف الزمان نحو : فرس خفيف وآخر ثقيل إذا كان عدو أحدهما أكثر من الآخر في زمان واحد ، وتارة باعتبار ما يستخفّه الناس. وثقيل فيما يستوجبه (٧). فالخفّة هنا مدح والثقل ذمّ. ومنه قوله تعالى : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ)(٨) ، ويقرب منه : (حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً). وتارة خفيف لمن فيه طيش ، وثقيل لمن فيه رزانة ؛ وعليه قوله : (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ)(٩)(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ)(١٠). فينعكس الحال فيكون الثقل مدحا والخفة ذما. وتارة خفيفا باعتبار الجسم الذي يرجح إلى الأعلى كالهواء والنار. وثقيل باعتبار الجسم الذي يرجح إلى
__________________
(١) ٢١٥ / الشعراء : ٢٦.
(٢) ١٢٨ / التوبة : ٩.
(٣) ٣ / الواقعة : ٥٦.
(٤) ٥ / التين : ٩٥.
(٥) النهاية : ٢ / ٥٤. ويقول ابن الأثير : الخفض للنساء كالختان للرجال. وقد يقال للخاتن خافض ، وليس بالكثير.
(٦) ١٨٩ / الأعراف : ٧.
(٧) وفي المفردات (ص ١٥٢) : يستوخمه ، ولعله أصوب للسياق.
(٨) ٦٦ / الأنفال : ٨.
(٩) ٨ / الأعراف : ٧.
(١٠) ٩ / الأعراف : ٧.