في الإنسان إلا بأحد معنيين : أحدهما التقدير كقوله (١) : [من الكامل]
ولأنت تفري ما خلقت ، وبع |
|
ض القوم يخلق ، ثمّ لا يفري |
يقال : خلقت الأديم أي قدّرته ، ولا يطلق ذلك عليه إلا بقيد نحو : فلان يخلق الأديم (٢). ولا يقال : يخلق إلا وهو خالق. والثاني بمعنى الاختلاق وهو الكذب ، قال تعالى : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً)(٣). يقال : خلق (٤) عليّ واختلق. وقوله : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ)(٥) استدلّ به على جواز إطلاقه على غير الله أي أحسن المقدّرين. وقال الراغب (٦) : أو يكون على تقدير ما يعتقدون من أنّ غيره يبدع ، كأنه قيل : إن ثمّ مبدعين. فالله تعالى أحسنهم إبداعا وإيجادا كقوله : (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ)(٧). قلت : وقد أجيب بهذا في قوله : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا)(٨) أي أنكم معتقدون أنّ الكفار لا يعذّبون ، فعلى سبيل التنزيل يكون : هؤلاء خير من هؤلاء.
قوله : (فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ)(٩) أي ما يفعلونه من تشويهه بنتف اللّحى والخصى وما يجري مجراهما. وقيل : حكم الله. وعن الحسن ومجاهد : دين الله. وقوله : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ)(١٠) أي لما قضاه وقلّده. وقيل : هو بمعنى النّهي كقوله (١١) لا تبدّلوا خلقه أي لا تغيّروه ، وقد تقدّم.
__________________
(١) البيت لزهير في مدح هرم بن سنان (شعر زهير : ١١٩). الفري : القطع.
(٢) أي يقدّره ليقطعه.
(٣) ١٧ / العنكبوت : ٢٩.
(٤) ساقطة من ح.
(٥) ١٤ / المؤمنون : ٢٣.
(٦) المفردات : ١٥٧ ، مع تصرّف.
(٧) ١٦ / الرعد : ١٣.
(٨) ٢٤ / الفرقان : ٢٥.
(٩) ١١٩ / النساء : ٤.
(١٠) ٣٠ / الروم : ٣٠.
(١١) لعله يريد : أي.