قوله : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً)(١) أي على حالة مثلك من يلازمها ، إشارة إلى قوله عليهالسلام : «أنا أعرفكم بالله وأخوفكم منه» (٢). قوله : (وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ)(٣) إشارة إلى أن الخوف منهم لربّهم حالة لا تفارقهم. وهو أبلغ من وصفهم بمطلق الخوف ، كقوله : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ)(٤) ، ولذلك عدل عنه في هذه الآية لما قرن بذكر تسبيح الرعد.
والتخوّف : ظهور الخوف من الإنسان ، كقوله تعالى : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ)(٥). ولذلك عبر به عن التنقّص في قولهم : تخوّفه الدهر أي تنقّصه. وعن عمر رضي الله عنه أنه قرأها على المنبر في حال خطبته فقال : «ما التخوّف؟» فسكتوا ، فقال رجل : التخوّف : التنقّص ، هذه لغتنا. وأنشد لابن مقبل (٦) : [من البسيط]
تخوّف السّير منها تامكا قردا |
|
كما تخوّف عود النّبعة السّفن |
أي تنقّص سنامها ـ يعني الناقة ـ والتامك : السّنام ، والقرد : المجتمع ، والسّفن : آلة تنحت بها الأعواد والخشب. ويحكى أن عمر قال عندها : «احفظوا ديوان العرب ؛ فإنّ فيه تفسير كتابكم». فالمعنى أنه يأخذهم على تنقّص في أبدانهم وأموالهم وثمارهم.
قوله : (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً)(٧) ؛ قيل : خوفا من المسافر وطمعا من المقيم. وقيل : خوفا ممّا يخشى ضرره ، إذ ليس كلّ موضع ولا كلّ وقت ينفع فيه المطر ، وطمعا ممّا ينتفع به. ونصبه على المفعول من أجله ، وفيه بحث ليس هذا موضعه.
قوله : (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً)(٨) أي خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه ، أي خائفين
__________________
(١) ٢٠٥ / الأعراف : ٧.
(٢) رواه البخاري في كتاب الإيمان : ١٣ ، وفي مسند أحمد «إني لأعلمكم ...» وانظر كشف الخفاء : ١ / ٢٣١ ، الحديث رقم ٦٠٧.
(٣) ١٣ / الرعد : ١٣.
(٤) ٥٠ / النحل : ١٦.
(٥) ٤٧ / النحل : ١٦.
(٦) البيت من شواهد اللسان (خوف). السفن : الحديدة التي تبرد بها القسيّ.
(٧) ١٢ / الرعد : ١٣.
(٨) ٥٦ / الأعراف : ٧.