والخيرة : الهيئة التي تحصل للمستخير والمختار ، نحو القعدة والجلسة للقاعد والجالس (١). والاختيار : طلب ما هو خير فعله. وقد يقال لما يراه الإنسان خيرا وإن لم يكن خيرا. وخايرت فلانا في كذا فخرته.
وقوله : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً)(٢) أي قوة واكتسابا للمال وحسن دين. وقيل : إن علمتم أن ذلك يعود عليكم وعليهم بجريان القدر وأحلى النجوم ، ويحصل فكّ رقابهم ، فيحصل لكم ثواب العتق ، لأنّ الكتابة مستحبّة لأمين قويّ على الكسب ، لأنّه ربّما يكاتب عاجزا ، فإذا عتق ضاع لعجزه عن نفقته على نفسه ، ولأنه إذا كاتبه وهو غير كسوب ربما يوهب له مال فيؤدّيه في كتابته فيعتق ، فيصير ضائعا ، فهذا لا تستحبّ كتابته بل تكره.
وخيار الشيء جيّده. وفي الحديث : «وأعطه جملا خيارا رباعيا» (٣) ويستوي فيه المذكر والمؤنث ؛ يقال : جمل خيار وناقة خيار. وتخاير الرجلان إذا طلب كلّ منهما أن يغلب الآخر في خير ما فعلاه. وتخاير صبيّان إلى الحسن بن عليّ في خطّ كتباه فقال له : «احذر يا بنيّ ؛ فإنّ الله سائلك عن هذا» وهذا شأن مثل أمير المؤمنين في هذا القدر فكيف في غيره؟ ولا غرو من باب مدينة العلم أن يصدر عنه مثل هذا التأديب.
خ ي ط :
قوله تعالى : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ)(٤). الخيط الأبيض : المراد به بياض النهار ، والخيط الأسود : المراد به سواد الليل. وهذا من أبلغ الاستعارات حيث شبّه ضوء النّهار وظلام الليل لامتدادهما بخطّين ممتدّين هذه صفتهما. وقيل : بل فهموا أولا حقيقة الخيطين. فكانوا يأكلون ويشربون في الليل ، ويجعلون عندهم خيطين أسود وأبيض ، إلى أن يبان هذا من هذا. وعن عديّ بن حاتم : «عمدت إلى حبالين
__________________
(١) يريد : لحال القاعد والجالس.
(٢) ٣٣ / النور : ٢٤. والكلام بعد (وقيل) غامض غير مترابط المعنى.
(٣) النهاية : ٢ / ٩١.
(٤) ١٨٧ / البقرة : ٢.